أما المحاولات المعاصرة لتطوير منهج النقد عند المحدثين بإعمال العقل في أحاديث تتعلق بعالم الغيب، والطعن فيها بحجة أنها لا تتفق مع القواعد العقلية فإن ذلك يولد الشطط وينأى عن قواعد النظر الصحيح، فلا يمكن قياس عالم الغيب بعالمنا، ولا يمكن رد الروايات الصحيحة بحجة أنها لا توافق الحس، فالحس يعمل في دنيانا، والعقل مهيأ للتعامل مع عالمنا الأرضي، وأما بناء العقيدة فلا يمكن تحكيم العقل والحس فيه، وقد اتهم إسماعيل الكردي أبا هريرة رضي الله عنه بالنقل عن كعب الأحبار عدداً كبيراً من الأحاديث المتعلقة بالغيبيات معتقداً أنها من الإسرائيليات التي يرويها كعب الأحبار نقلاً عن التوراة أو التراث اليهودي، مع أن أبا هريرة نفى أن يكون كعب الأحبار يحدث من التوراة أو أنه يروي عن غير رسول الله صلى الله عليه وسلم (?) . وقد رد إسماعيل الكردي عدداً من أحاديث اتفق على إخراجها البخاري ومسلم مستنداً أحيانًا في توهينها على تفاصيل وردت في التوراة، بل أورد ما يفيد أنها منقولة من الإسرائيليات (?) ولعل الشبهة وقعت بسبب التشابه في قصص التوراة والأحاديث، مع أن التشابه في القصص يسري على القرآن، فهل يعني ذلك أن القرآن أخذها من التوراة!!؟ أو أن التشابه يقع بسبب وحدة مصدر التلقي “ الوحي الإلهي) فيما لم يقع عليه التحريف من التوراة.