رسول الله: (من قتلك؟ فلان؟) لغير الذي قتلها. فأشارت أن لا. فقال: (ففلان؟) فأشارت: أن نعم. فأمر به رسول الله صلى الله عليه وسلم فرضخ رأسه بين حجرين" (?) .
فأما مخالفة أبي حنيفة لمائتين من الأحاديث فليس طعناً منه برواية هذه الأحاديث، فهناك أسباب كثيرة لعدم الأخذ بالحديث، ولو افترضنا أنه ضعف روايتها، فيكون ذلك اجتهادا ًمنه حسب الطاقة إذ لم يكن الصحيح قد أفرد بعد. والخبر ورد في "تأريخ بغداد" (?) ، وليس فيه ما يشير إلى أن هذه الأحاديث مما خرج في الصحيحين فيما بعد.
وأما رده حديث رضخ الجارية فعلَّة ردِّه ـ كما بينها محمد زاهد الكوثري ـ تكمن في عنعنة قتادة عن أنس، وهي توضح أن القاتل اعترف، وقد صرح قتادة بالسماع في إحدى روايات البخاري للخبر، فزال الإشكال (?) .
ونقل قول أبي حنيفة: " أقلد جميع الصحابة، ولا أستحسن خلافهم برأي إلا ثلاثة نفر: أنس بن مالك، وأبو هريرة، وسمرة بن جندب. فقيل له في ذلك. فقال: "أما أنس فاختلط في آخر عمره، وكان يفتي من عقله وأنا لا أقلد عقله، وأما أبو هريرة، فكان يروي كل ما سمع، من غير أن يتأمل في المعنى، ومن غير أن يعرف الناسخ والمنسوخ" (?) فهو يخالف منهج أبي حنيفة