البخاري عاش في العصر العباسي الأول، وهو عصر يعادي بني أمية، ويقرب مبغضيهم.

إسقاطه لمنهج المحدثين في نقد الروايات وتحكيمه للعقل والذوق في نقدها:

إن الرأي الذي عرضه المؤلف في تمحيص الأحاديث بعرضها على القرآن الكريم واعتباره السند القاضي بقبول الحديث أو برفضه، وغض النظر عن سند الرجال حتى لا تصبح كتب الحديث المخالف نظيرة للقرآن تنافسه الحكم والقول (?) . وليس الخلاف في عرض الحديث على القرآن وعدم قبوله إذا كان مخالفاً لصريح القرآن بحيث لا يحتمل التأويل، فهذا أصل من أصول النقد عند المحدثين (?) ، لكن الخلاف في إطلاق المؤلف العبارة وعدم تقييدها بإمكان التأويل والتوفيق، وأهل العلم مجمعون على أن السنة الصحيحة لا تخالف كتاب الله فما جاء في بعض الأحاديث من أحكام تخالفه فهي مردودة باتفاق (?) . والأنكى من ذلك دعوته إلى غض النظر عن سند الرجال، بمعنى رفض لمجهود المحدثين عبر القرون الطويلة في تمييز الحديث وبيان الصحيح من الضعيف، وهي دعوة خطيرة فيها تشكيك بالسنة القولية جملة، وتحكيم العقل الإنساني في قبولها أو رفضها تبعاً لتقديره الموافقة أو المخالفة للقرآن الكريم، وإنما يعمد المؤلف إلى ذلك ليصل إلى مراده وهو أن القرآن الكريم والسنة

طور بواسطة نورين ميديا © 2015