لم يكن بناء منهج النقد عند المحدثين منفصلاً عن البيئة العلمية والثقافية التي تمثل معطيات الخبرة الإنسانية في بيئتهم التي تمثل مستوىً راقياً في التحضر عند كتابة المؤلفات الأولى في علم المصطلح، وذلك في القرن الرابع الهجري مع ظهور كتابي الرامهرمزي (ت360هـ) والحاكم (ت405هـ) . وقد استمرت عملية التطوير على يد الخطيب البغدادي (ت463هـ) إلى أن ظهرت الكتب المدرسية على يد ابن الصلاح وأعيدت الصياغة على يد المتأخرين كما اكتمل جمع مفردات الفن من مجهود السابقين على يد السخاوي (ت902هـ) والسيوطي (ت911هـ) ثم لم تراجع هذه الجهود العظيمة التي هي ثمرة أعمال متلاحقة عبر تسعة قرون بسبب الركود الثقافي والعلمي الذي ساد العالم الإسلامي خلال القرون الأربعة منذ بداية القرن العاشر حتى نهاية القرن الثالث عشر الهجري، ومع بداية عصر النهضة في العالم الإسلامي ظهرت جهود لإحياء علوم الحديث وتمثلت في النشر الواسع لأمهات كتب الحديث وعلومه، ومحاولة تيسير المصطلح لطلبة الدراسات الإسلامية في المرحلة الجامعية، فظهرت مؤلفات عنيت بطرح المنهج بأسلوب سهل ونظام واضح دون الدخول في مناقشة قضاياه على ضوء تقدم مناهج العلم والمعرفة الإنسانية، كما جرت دراسات وبحوث في قضايا المصطلح تتسم بالدقة مثل تلك الجهود التي كشفت عن اصطلاحات النقاد ونسبتها؛ إذ يتفرد الناقد باصطلاحات خاصة احتاجت إلى تحديد دقيق من خلال الاستقراء لأقواله في الجرح والتعديل، وكذلك جمع روايات بعض المحدثين،