ثانياً: إتقان أسلوب المحدث واستخدامه في النقد

لقد عمد بعض النقاد إلى دراسة مجموعة من مرويات المحدث وتمرس فيها بحيث يتمكن من معرفة ما ينسب إليه من مرويات بسبب مشابهتها لها أو مخالفتها، وربما يصل الأمر عند المقارنة إلى تمييز ألفاظ بعض الرواة عن المحدث ومدى تشابهها مع المعروف عنه.

قال علي بن المديني – الناقد المعروف – وقد سُئل: مَنْ أثبت الناس في محمد بن سيرين؟ فقال: أيوب، ثم ابن عون، ثم سلمة بن علقمة، ثم حبيب ابن الشهيد، ثم يحيى بن عتيق، ثم هشام بن حسان. وما قال يزيد بن إبراهيم التستري سمعت محمد بن سيرين أثبت عندي من خالد الحذاء. ألفاظ عاصم الأحول وخالد الحذاء في محمد واحدة لا تشبه ألفاظهما ألفاظ أصحابهم (?) .

إن هذا الحس الدقيق لم يتكون إلا عبر معايشة طويلة لألفاظ المحدث ومعرفة دقيقة بإتقان رواته لها وتباينهم في هذا الإتقان.

قال الحافظ ابن رجب: "حذاق النقاد من الحفاظ- لكثرة ممارستهم للحديث، ومعرفتهم بالرجال، وأحاديث كل منهم- لهم فهم خاص يفهمون به أن هذا الحديث يشبه حديث فلان" (?) .

لقد تراكمت الخبرة عند النقاد المسلمين لطول ممارستهم ومناظراتهم

طور بواسطة نورين ميديا © 2015