لم يقدر فقد نسبته إِلَى الْعَجز تَعَالَى الله عَن ذَلِك وَمثلك فِي ذَلِك مثل من هرب من الرشاش فَوَقع تَحت الوابل بل غرق فِي بَحر لَيْسَ لَهُ سَاحل أَعنِي أَنَّك هربت مِمَّا توهمت أَنه يكون ظلما فِي حَقه تَعَالَى وَوَقعت فِيمَا هُوَ أعظم وَهُوَ نسبته إِلَيْهِ من الْجَهْل وَالْعجز تَعَالَى الله عَن ذَلِك علوا كَبِيرا
وَإِن قلت قدر على مَنعه من ذَلِك وَلم يمنعهُ فقد نسبت الرب الْقَدِير الْحَكِيم الْخَبِير سُبْحَانَهُ إِلَى الرضى بالقبيح الَّذِي زعمت أَنه لَا ينْسب إِلَى الله تَعَالَى
إِذا يصير مُقَدرا عَلَيْهِ مَعَ الْقُدْرَة على الْمَنْع مِنْهُ وعَلى أَن لَا يكون شَيْء من الْقَبِيح فِي مَمْلَكَته ونقضت أصلك وهدمت مذهبك بل نقضت ذَلِك وهدمته بِمَا هُوَ أعظم وأوضح وَأجلى مِمَّا لَيْسَ لَك عَنهُ محيد وَلَا مَحِيض أصلا وَهُوَ قَوْلك بِوُجُوب الْأَصْلَح على الله عز وَعلا وتقدس على ذَلِك تَعَالَى
فبالله عَلَيْك هَل الْأَصْلَح عدم الالتحاد للْكفَّار أم التحادهم مَعَ تخليدهم فِي النَّار أم مَوْتهمْ فِيهَا أم بقاؤهم على تعاقب الدهور فِي الْعَذَاب الشَّديد وَالْوَيْل وَالثُّبُور وحرمان الْقُصُور وَسَائِر اللَّذَّات وَالسُّرُور فِي دَار الْكَرَامَة وَالنَّعِيم الْمُقِيم مَعَ رضوَان الله وَجوَار الْمولى الْكَرِيم والتعوض عَن ذَلِك بسخط الْجَبَّار وعذابه الْأَلِيم
نسْأَل الله الْكَرِيم الْعَفو والعافية من ذَلِك وَمن جَمِيع البلايا والمهالك لنا ولأحبابنا الْمُسلمين آمين
وَإِلَى نفي الْوُجُوب على الله أَشرت فِي بعض القصائد بِقَوْلِي
(وَمَا من وَاجِب بل زاغ حمق ... وَضَلُّوا باعتزال عَن صَوَاب)
(عَلَيْهِ أوجبوا أشيا وَلم يبْق ... إِلَّا أَن يقومُوا للعقاب)
(وَمَا لِلْعَقْلِ حكم بل لشرع علا ... فِي منصب على انتصاب)
(فَفِي سُبْحَانَ لَا تَعْذِيب إِلَّا ... ببعث الرُّسُل فِي نَص الْكتاب)
ثمَّ أَقُول بعد هَذَا وَإِذا اعْترفت بِالْحَقِّ من أَنه سُبْحَانَهُ علم كفر الْكَافِر قبل خلقه قلت لَك هَل أَرَادَ صُدُور الْكفْر مِنْهُ أم لم يردهُ