متماثلتين فَلَيْسَ إِسْنَاد أَحدهمَا إِلَى الجذب وَالثَّانيَِة إِلَى الدّفع أولى من الْعَكْس
فَلَزِمَ استناد كل وَاحِدَة مِنْهُمَا إِلَى الجذب وَالدَّفْع فَيَعُود الْأَمر إِلَى وُقُوع الْأَثر الْوَاحِد بمؤثرين مستقلين
وَلما بَطل هَذَا الْقسم ثَبت أَنه حصل فِي ذَلِك الْجَوْهَر الْفَرد حَرَكَة وَاحِدَة وَتلك الْحَرَكَة الْوَاحِدَة حصلت بعد الجذب وَبعد الدّفع
ثمَّ كل وَاحِدَة من هَاتين العلتين مُسْتَقلَّة باقتضاء هَذَا الْأَثر مَعَ القَوْل بالتولد فَيلْزم حُصُول الْأَثر الْوَاحِد لمؤثرين مستقلين وَذَلِكَ لِأَن ذَلِك الْأَثر يَسْتَغْنِي بِهَذَا عَن ذَاك وبذاك عَن هَذَا فَلَمَّا اجْتمعَا عَلَيْهِ لزم أَن يَسْتَغْنِي كل وَاحِد مِنْهُمَا عَن كل وَاحِد مِنْهُمَا وَهُوَ محَال
واستدلال الْمُعْتَزلَة على القَوْل بالتولد إِنَّمَا هُوَ لحسن الْمَدْح والذم وَالثَّوَاب وَالْعِقَاب
وَالْجَوَاب عَنهُ فِي مَسْأَلَة خلق الْأَفْعَال وَبِاللَّهِ التَّوْفِيق
وَقَالَ إِمَام الْحَرَمَيْنِ أَيْضا فِي إِرَادَة الكائنات مَذْهَبنَا أَن كل حَادث مُرَاد الله تَعَالَى حُدُوثه وَلَا يخْتَص تعلق مَشِيئَة الْبَارِي تَعَالَى بصنف من الْحَوَادِث دون صنف بل هُوَ تَعَالَى مُرِيد لوُقُوع جَمِيع الْحَوَادِث خَيرهَا وشرها نَفعهَا وضرها
قَالَ ثمَّ من أَئِمَّتنَا من أطلق ذَلِك عَاما وَلم يُطلقهُ تَفْصِيلًا
فَإِذا سُئِلَ عَن كَون الْكفْر مُرَاد الله تَعَالَى لم يخصص فِي الْجَواب ذكر مَا تتَعَلَّق الْإِرَادَة بِهِ وَإِن كَانَ يَعْتَقِدهُ وَلكنه يجْتَنب إِطْلَاقه لما فِيهِ من إِيهَام الزلل إِذْ قد يتَوَهَّم كثير من النَّاس أَن مَا يُريدهُ الله يَأْمر بِهِ ويحرص عَلَيْهِ وَلَفظ يُطلق عَاما وَلَا يفصل
فَإنَّك تَقول الْعَالم بِمَا فِيهِ لله تَعَالَى وَلَو فرض سُؤال فِي ولد أَو زَوْجَة لم يقل الْوَلَد وَالزَّوْجَة لله تَعَالَى
قَالَ وَمن حقق من أَئِمَّتنَا أضَاف تعلق الْإِرَادَة إِلَى كل حَادث معمما ومخصصا مُجملا ومفصلا وَاسْتدلَّ على صِحَة مَذْهَب أهل