فال وَالدَّلِيل على أَن الْحَادِث مَقْدُور وَأَن الِاسْتِطَاعَة تقارن الْفِعْل أَن نقُول الْقُدْرَة من الصِّفَات الْمُتَعَلّقَة ويستحيل تقديرها دون مُتَعَلق لَهَا

فَإِذا فَرضنَا قدرَة مُتَقَدّمَة وفرضنا مَقْدُورًا بعْدهَا فِي حالتين متعاقبتين وَلَا يَتَقَرَّر على أصُول الْمُعْتَزلَة تعلق الْقُدْرَة بالمقدور فَإنَّا إِن نَظرنَا إِلَى الْحَالة الأولى فَلَا يتَصَوَّر فِيهَا وُقُوع وَإِن نَظرنَا إِلَى الْحَالة الثَّانِيَة فَلَا تعلق للمقدور فِيهَا

فَإِذا لم يتَحَقَّق فِي الْحَالة الأولى إِمْكَان وَلم يَتَقَرَّر فِي الثَّانِيَة اقتدار فَلَا يبْقى لتَعلق الْقُدْرَة معنى ويعضد ذَلِك بِوَجْهَيْنِ

أَحدهمَا إِن الْمَقْدُور لَا يَخْلُو إِمَّا أَن يكون عدما وَإِمَّا أَن يكون مَوْجُودا

ويستحيل كَونه عدما فَإِنَّهُ نفي مَحْض والوجود عِنْد الْمُخَالفين غير مَقْدُور

وَالْوَجْه الثَّانِي أَنهم إِنَّمَا زَعَمُوا أَن الْحَادِث بِمَثَابَة الْبَاقِي فِي اسْتِحَالَة كَونه مَقْدُورًا ثمَّ لَا إِمْكَان فِي الْحَالة الأولى من وجود الْقُدْرَة

وَالْحَالة المتوقعة بعْدهَا لَيست حَالَة تعلق الْقُدْرَة فَإِن شاع ذَلِك فَلْيَكُن الثَّانِي مَقْدُورًا فِي الْحَالة الأولى من الْقُدْرَة وَلَا مخلص عَن ذَلِك

وَقَالَ أَيْضا فِي الرَّد على الْقَائِلين بالتولد الْقُدْرَة الْحَادِثَة لَا تتَعَلَّق إِلَّا بقائم بمحلها

وَمَا يَقع مناسبا لمحل الْقُدْرَة فَلَا يكون مَقْدُورًا بهَا بل يَقع فعلا للباري سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى من غير اقتدار للْعَبد عَلَيْهِ

فَإِذا انْدفع الْحجر عِنْد اعْتِمَاد مُعْتَمد عَلَيْهِ فاندفاعه غير مَقْدُور للْعَبد عِنْد أهل الْحق

وَذَهَبت الْمُعْتَزلَة إِلَى أَن مَا يَقع مناسبا لمحل الْقُدْرَة يجوز وُقُوعه متولدا عَن سَبَب مَقْدُور مبَاشر بِالْقُدْرَةِ

ثمَّ الْمُتَوَلد عِنْدهم فعل لفاعل السَّبَب وَهُوَ مَقْدُور بتوسط السَّبَب

وَمن المتولدات مَا يقوم عِنْدهم بِمحل الْقُدْرَة كَالْعلمِ النظري الْمُتَوَلد

طور بواسطة نورين ميديا © 2015