الْإِسْلَام من أصدق الْآيَات على مَا قُلْنَا وَإِن اسْتشْهد الْمُعْتَزلَة فِي روم حمل الْهِدَايَة على الدعْوَة أَو غَيرهَا مِمَّا يُطَابق معتقدهم بِالْآيَاتِ الَّتِي يتلونها فَالْوَجْه أَن تَقول لَا بعد فِي حمل مَا استشهدتم بِهِ على مَا ذكرتموه وَإِنَّمَا استدللنا بِالْآيَاتِ المفصلة المخصصة للهدى بِقوم والضلال بِآخَرين مَعَ التَّنْصِيص على ذكر الْإِسْلَام وَشرح الصَّدْر لَهُ
وَلَا مجَال لتأويلاتهم المزخرفة فِي النُّصُوص الَّتِي استدللنا بهَا
قَالَ وَأما آيَات الطَّبْع والختم فَمِنْهَا قَوْله تَعَالَى {ختم الله على قُلُوبهم} وَقَوله تَعَالَى {بل طبع الله عَلَيْهَا بكفرهم} وَقَوله تَعَالَى {وَجَعَلنَا قُلُوبهم قاسية}
قَالَ وَقد حارت الْمُعْتَزلَة فِي هَذِه الْآيَات واضطربت لَهَا آراؤهم فَذَهَبت طَائِفَة من الْبَصرِيين إِلَى تَسْمِيَة الرب تَعَالَى الْكَفَرَة بنبذ الْكفْر والضلال قَالُوا فَهَذَا معنى الطَّبْع
قَالَ وَلَا خَفَاء بِسُقُوط هَذَا الْكَلَام فَإِن الرب تَعَالَى تمدح بِهَذِهِ الْآيَات وإثباتها عَن اقتهاره واقتداره على ضمائر العَبْد وإسراره وَبَين أَن الْقُلُوب بِحكمِهِ يقلبها كَيفَ شَاءَ وَصرح بذلك فِي قَوْله تَعَالَى {ونقلب أفئدتهم وأبصارهم}
فَكيف يستجاز حمل هَذِه الْآيَات على تَسْمِيَة وتلقيب وَكَيف يسوغ ذَلِك اللبيب وَالْوَاحد منا لَا يعجز عَن التسميات والتلقيبات فَمَا وَجه استيثار الرب بسلطانه قَالَ وَجَهل الجبائي وَابْنه هَذِه الْآيَات على محمل بشع مُؤذن