وَالثَّانِي أَن التماثيل والتصويرية صَارَت الْحِجَارَة على صُورَة غير صورتهَا المخلوقة عَلَيْهَا لَوْلَا تِلْكَ الصُّورَة مَا عبدوها فمعبودهم هُوَ الصُّورَة الَّتِي مثلوها وَهُوَ عَمَلهم فمعبودهم عَمَلهم ومعبودهم خلق الله كَمَا تقدم فعملهم خلق الله وَهُوَ الْمَطْلُوب وَالله أعلم
وَيُؤَيّد مَا ذكرنَا من أَن الْأَعْمَال خلق الله عز وَجل مَا روى البُخَارِيّ عَن حُذَيْفَة رَضِي الله عَنهُ أَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَالَ (إِن الله يصنع كل صانع وصنعته) وتلا بعض الروَاة عِنْد ذَلِك {وَالله خَلقكُم وَمَا تَعْمَلُونَ} قَالَ البُخَارِيّ فَأخْبر أَن الصناعات وَأَهْلهَا مخلوقة قَالَ وَسمعت عبد الله بن سعيد يَقُول سَمِعت يحيى بن سعيد يَقُول مَا زلت أسمع أَصْحَابنَا يَقُولُونَ أَفعَال الْعباد مخلوقة
وَرَوَاهُ الْبَيْهَقِيّ فِي كتاب الْقدر وَلَفظه إِن الله خلق كل صانع وصنعته وَقَالَ هَذَا إِسْنَاد صَحِيح
وَرُوِيَ فِي كتاب الِاعْتِقَاد بِسَنَد صَحِيح إِلَى قَتَادَة فِي قَوْله تَعَالَى {وَالله خَلقكُم وَمَا تَعْمَلُونَ} قَالَ خَلقكُم وَخلق مَا تَعْمَلُونَ بِأَيْدِيكُمْ قلت وعَلى الْجُمْلَة فقد قَالَ أَئِمَّتنَا من الْأَوْلِيَاء وَالْعُلَمَاء أثبت الله تَعَالَى الْخلق لنَفسِهِ ونفاه عَن غَيره بقوله عز وَجل {أَلا لَهُ الْخلق وَالْأَمر}
وَلما قُرِئت هَذِه الْآيَة بَين يَدي الشَّيْخ الْكَبِير الْعَارِف بِاللَّه عمر النهاري الشهير قَالَ تَعَالَوْا نقتسم مَا بَقِي قلت يَعْنِي أَنه لم يُغير الله تَعَالَى شَيْء من الْخلق وَالْأَمر