أَنه كَانَ مستطيعا للْفِعْل الَّذِي فعل
فَأَما قبل أَن يَفْعَله فَإنَّا لَا نَدْرِي لَعَلَّه يُرِيد أمرا فيحال بَينه وَبَينه وَالله تَعَالَى مُرِيد لتكوين أَعمال الْخلق
وَمن ادّعى خلاف مَا ذكرنَا فقد وصف الله تَعَالَى بِالْعَجزِ وَهلك فِي الداهرين
وَأما الإِمَام الشَّافِعِي وَأَصْحَابه رَضِي الله عَنْهُم فقد روى الرّبيع ابْن سُلَيْمَان عَن أَصْحَابه عَنهُ أَنه قَالَ لِأَن يلقى الله العَبْد فَكل ذَنْب من خلا الشّرك بِاللَّه خير مَا أَن يلقاه بِشَيْء من هَذِه الْأَهْوَاء وَذَلِكَ أَنه رأى قوما يتجادلون فِي الْقدر بَين يَدَيْهِ قَالَ الشَّافِعِي أخبر الله تَعَالَى فِي كِتَابه أَن الْمَشِيئَة لَهُ دون خلقه والمشيئة إِرَادَة الله قَالَ تَعَالَى {وَمَا تشاؤون إِلَّا أَن يَشَاء الله} فَأعْلم خلقه أَن الْمَشِيئَة لَهُ قَالَ وَكَانَ الشَّافِعِي يثبت الْقدر
قلت وَقد قدمت مَا رَوَاهُ الإمامان الْمُزنِيّ وَالربيع من أَصْحَابه مِمَّا أنْشد قَوْله
(مَا شِئْت كَانَ وَإِن لم أشأ ... وَمَا شِئْت إِن لم تشأ لم يكن) إِلَى آخر الأبيات الْخَمْسَة
وَقَالَ الرّبيع عَن الشَّافِعِي لَو حلف رجل فَقَالَ وَالله لَا أفعل كَذَا إِلَّا أَن يَشَاء الله أَو إِلَّا أَن يقدر الله وَأَرَادَ بِهِ الْقدر فَلَا شَيْء أَو قَالَ فَلَا شَيْء عَلَيْهِ
قلت يَعْنِي لَا يَحْنَث وَقد قدمت تَقْرِير الْمَسْأَلَة عَن إِمَام الْحَرَمَيْنِ
وَقَالَ عَاصِم سَمِعت الْمُزنِيّ يَقُول سَأَلت الشَّافِعِي عَن قَول النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم سِتَّة لعنهم الله المكذب بِقدر الله فَقلت من الْقَدَرِيَّة فَقَالَ هم الَّذين يَزْعمُونَ أَن الله لَا يعلم الْمعاصِي حَتَّى تكون قَالَ الْمُزنِيّ