5901 - وَعَنْ أَبِي سَعِيدٍ الْخُدْرِيِّ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - قَالَ: «خَرَجْنَا مَعَ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - حَتَّى قَدِمْنَا عُسْفَانَ، فَأَقَامَ بِهَا لَيَالِيَ، فَقَالَ النَّاسُ: مَا نَحْنُ هَاهُنَا فِي شَيْءٍ، وَإِنَّ عِيَالَنَا لَخُلُوفٌ مَا نَأْمَنُ عَلَيْهِمْ، فَبَلَغَ ذَلِكَ النَّبِيَّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فَقَالَ: (وَالَّذِي نَفْسِي بِيَدِهِ مَا فِي الْمَدِينَةِ شِعْبٌ وَلَا نَقْبٌ إِلَّا عَلَيْهِ مَلَكَانِ يَحْرُسَانِهَا حَتَّى تَقْدَمُوا إِلَيْهَا) ثُمَّ قَالَ: (ارْتَحِلُوا) فَارْتَحَلْنَا وَأَقْبَلْنَا إِلَى الْمَدِينَةِ، فَوَالَّذِي يُحْلَفُ بِهِ مَا وَضَعْنَا رِحَالَنَا حِينَ دَخَلْنَا الْمَدِينَةَ حَتَّى أَغَارَ عَلَيْنَا بَنُو عَبْدِ اللَّهِ بْنِ غَطَفَانَ وَمَا يُهَيِّجُهُمْ قَبْلَ ذَلِكَ شَيْءٌ» . رَوَاهُ مُسْلِمٌ.
ـــــــــــــــــــــــــــــ
5901 - (وَعَنْ أَبِي سَعِيدٍ الْخُدْرِيِّ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - قَالَ: خَرَجْنَا) ، أَيْ: مِنْ مَكَّةَ (مَعَ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - حَتَّى قَدِمْنَا عُسْفَانَ) ، بِضَمِّ أَوَّلِهِ فَفِي الْقَامُوسِ: عُسْفَانُ كَعُثْمَانَ، مَوْضِعٌ عَلَى مَرْحَلَتَيْنِ مِنْ مَكَّةَ. وَقَالَ شَارِحٌ، أَيْ: رَجَعْنَا عَنِ السَّفَرِ وَوَصَلْنَا إِلَى عُسْفَانَ، مَوْضِعٌ قَرِيبُ الْمَدِينَةِ. قَالَ صَاحِبُ الْأَزْهَارِ: وَهُوَ غَلَطٌ، بَلْ هُوَ عَلَى مَرْحَلَتَيْنِ مِنْ مَكَّةَ، ذَكَرَهُ الْمُغْرِبُ وَغَيْرُهُ. (فَأَقَامَ بِهَا) ، أَيْ: بِتِلْكَ الْبُقْعَةِ أَوِ الْقَرْيَةِ (لَيَالِيَ) ، أَيْ: وَأَيَّامًا (فَقَالَ النَّاسُ) ، أَيْ: بَعْضُ الْمُنَافِقِينَ أَوِ الضُّعَفَاءِ فِي الدِّينِ وَالْيَقِينِ (مَا نَحْنُ هَاهُنَا فِي شَيْءٍ) ، أَيْ: شُغْلٍ وَعَمَلٍ، أَوْ فِي شَيْءٍ مِنْ أَمْرِ الْحَرْبِ (وَإِنَّ عِيَالَنَا لَخُلُوفٌ) : بِالضَّمِّ أَيْ: لَغَائِبُونَ أَوْ نِسَاءٌ بِلَا رِجَالٍ، يُقَالُ: حَيٌّ خُلُوفٌ إِذَا لَمْ يَبْقَ فِيهِمْ إِلَّا النِّسَاءُ، وَالْخُلُوفُ أَيْضًا الْحُضُورُ الْمُتَخَلِّفُونَ وَالْجُمْلَةُ حَالٌ، وَقَوْلُهُ: (مِمَّا نَأْمَنُ عَلَيْهِمْ) ، أَيْ: عَلَى عِيَالِنَا خَبَرٌ بَعْدَ خَبَرٍ، وَلَعَلَّ تَذْكِيرَ الضَّمِيرِ لِلتَّغْلِيبِ، أَوْ تَنْزِيلًا مَنْزِلَةَ الرِّجَالِ فِي الْجَلَادَةِ وَالشَّجَاعَةِ، (فَبَلَغَ ذَلِكَ النَّبِيَّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -) أَيْ: فَوَصَلَهُ هَذَا الْكَلَامُ (فَقَالَ: وَالَّذِي نَفْسِي بِيَدِهِ مَا فِي الْمَدِينَةِ شِعْبٌ) : بِكَسْرِ الْمُعْجَمَةِ طَرِيقٌ فِي الْجَبَلِ (وَلَا نَقْبٌ) ، أَيْ: طَرِيقٌ بَيْنَ الْجَبَلَيْنِ، أَيْ: لَيْسَ فِي الْمَدِينَةِ مَا يُطْلَقُ عَلَيْهِ الشِّعْبُ وَالنَّقْبُ (إِلَّا عَلَيْهِ مَلَكَانِ يَحْرُسَانِهَا) : بِضَمِّ الرَّاءِ أَيْ: يَحْفَظَانِهَا بِأَمْرِ اللَّهِ تَعَالَى (حَتَّى تَقْدَمُوا) : بِفَتْحِ الدَّالِ أَيْ: تَرْجِعُوا (إِلَيْهَا) : قَالَ الطِّيبِيُّ، قَوْلُهُ: عَلَيْهِ أَيْ: عَلَى كُلِّ وَاحِدٍ مِنَ الشِّعْبِ وَالنَّقْبِ، وَالضَّمِيرُ فِي يَحْرُسَانِهَا رَاجِعٌ إِلَى الْمَدِينَةِ، وَالْمُرَادُ شِعْبُهَا وَنَقْبُهَا. قُلْتُ: الْأَظْهَرُ أَنْ يُرَادَ بِهِمَا جَمِيعًا (ثُمَّ قَالَ: ارْتَحِلُوا، فَارْتَحَلْنَا وَأَقْبَلْنَا إِلَى الْمَدِينَةِ) ، أَيْ مُتَوَجِّهِينَ إِلَيْهَا (فَوَالَّذِي يُحْلَفُ بِهِ) ، أَيِ: اللَّهُ سُبْحَانَهُ (مَا وَضَعْنَا رِحَالَنَا) أَيْ: مَتَاعَنَا عَنْ ظُهُورِ جِمَالِنَا (حِينَ دَخَلْنَا الْمَدِينَةَ حَتَّى أَغَارَ عَلَيْنَا) ، أَيْ: مَعْشَرِ الْمَدِينَةِ (بَنُو عَبْدِ اللَّهِ بْنِ غَطَفَانَ) : بِفَتْحِ الْمُعْجَمَةِ فَالْمُهْمَلَةِ، وَالْمَعْنَى أَنَّ الْمَدِينَةَ حَالَ غَيْبَتِهِمْ عَنْهَا كَانَتْ مَحْرُوسَةً، كَمَا أَخْبَرَ النَّبِيُّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - إِعْجَازًا، وَلَمْ يَكُنْ مَانِعًا مِنَ الْإِغَارَةِ وَالتَّهْيِيجِ عَلَيْهَا إِلَّا حِرَاسَةُ الْمَلَائِكَةِ، وَهَذَا مَعْنَى قَوْلِهِ: (وَمَا يُهَيِّجُهُمْ) : بِتَشْدِيدِ الْيَاءِ مَا يُثِيرُ بَنِي عَبْدِ اللَّهِ عَلَى الْإِغَارَةِ (قَبْلَ ذَلِكَ) ، أَيْ: قَبْلَ دُخُولِنَا الْمَدِينَةِ (شَيْءٌ) ، أَيْ: مِنَ الْبَوَاعِثِ. وَقَالَ شَارِحٌ، أَيْ: قَبْلَ الْغَارَةِ وَهُوَ لَيْسَ بِشَيْءٍ، (رَوَاهُ مُسْلِمٌ) .