5737 - «وَعَنْ أَبِي ذَرٍّ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ، قَالَ: قُلْتُ: يَا رَسُولَ اللَّهِ أَيُّ الْأَنْبِيَاءِ كَانَ أَوَّلَ؟ قَالَ: " آدَمُ ". قُلْتُ: يَا رَسُولَ اللَّهِ وَنَبِيٌّ كَانَ؟ قَالَ: " نَعَمْ نَبِيٌّ مُكَلَّمٌ ". قُلْتُ يَا رَسُولَ اللَّهِ كَمِ الْمُرْسَلُونَ؟ قَالَ: " ثَلَاثُمِائَةٍ وَبِضْعَةَ عَشَرَ جَمًّا غَفِيرًا " وَفِي رِوَايَةِ أَبِي أُمَامَةَ، قَالَ أَبُو ذَرٍّ: قُلْتُ يَا رَسُولَ اللَّهِ كَمْ وَفَاءُ عِدَّةِ الْأَنْبِيَاءِ قَالَ: " مِائَةُ أَلْفٍ وَأَرْبَعَةٌ وَعِشْرُونَ أَلْفًا، الرُّسُلُ مِنْ ذَلِكَ ثَلَاثُمِائَةٍ وَخَمْسَةَ عَشَرَ جَمًّا غَفِيرًا» ".

ـــــــــــــــــــــــــــــ

5737 - (وَعَنْ أَبِي ذَرٍّ قَالَ: قُلْتُ: يَا رَسُولَ اللَّهِ أَيُّ الْأَنْبِيَاءِ) أَيْ: أَيُّ فَرْدٍ مِنْهُمْ (كَانَ أَوَّلَ) ؟ بِالنَّصْبِ أَيْ أَسْبَقَ (قَالَ: " آدَمُ ") : بِالرَّفْعِ عَلَى تَقْدِيرِ هُوَ (قُلْتُ: يَا رَسُولَ اللَّهِ وَنَبِيٌّ كَانَ؟) ؟ قَالَ الطِّيبِيُّ - رَحِمَهُ اللَّهُ: لَا بُدَّ فِيهِ مِنْ تَقْدِيرِ هَمْزَةِ الِاسْتِفْهَامِ لِلتَّقْرِيرِ لَمَّا قَالَ أَوَّلًا أَيُّ الْأَنْبِيَاءِ، وَأُجِيبَ بِقَوْلِهِ: آدَمُ أَيْ أَوْ هُوَ نَبِيٌّ كَانَ؟ (قَالَ: " نَعَمْ نَبِيٌّ ") : ذَكَرَ نَبِيٌّ بَعْدَ قَوْلِهِ: نَعَمْ لِيُنِيطَ بِهِ قَوْلَهُ (مُكَلَّمٌ) أَيْ: لَمْ يَكُنْ نَبِيًّا فَقَطْ، بَلْ كَانَ نَبِيًّا مُكَلَّمًا أُنْزِلَ عَلَيْهِ الصُّحُفُ (قُلْتُ: يَا رَسُولَ اللَّهِ كَمِ الْمُرْسَلُونَ) ؟ الْكَشَّافُ، فِي قَوْلِهِ تَعَالَى: {وَمَا أَرْسَلْنَا مِنْ قَبْلِكَ مِنْ رَسُولٍ وَلَا نَبِيٍّ} [الحج: 52] هَذَا دَلِيلٌ بَيِّنٌ عَلَى تَغَايُرِ الرَّسُولِ وَالنَّبِيِّ، وَالْفَرْقُ بَيْنَهُمَا أَنَّ الرَّسُولَ مِنَ الْأَنْبِيَاءِ مَنْ جَمَعَ إِلَى الْمُعْجِزَةِ الْكِتَابَ الْمُنَزَّلِ عَلَيْهِ، وَالنَّبِيُّ غَيْرُ الرَّسُولِ مَنْ لَمْ يَنْزِلْ عَلَيْهِ كِتَابٌ، وَإِنَّمَا أُمِرَ أَنْ يَدْعُوَ إِلَى شَرِيعَةِ مَنْ قَبْلَهُ اه. وَالْمَشْهُورُ فِي الْفَرْقِ بَيْنَهُمَا أَنَّ الرَّسُولَ مَنْ أُمِرَ بِالتَّبْلِيغِ، وَالنَّبِيُّ أَعَمُّ وَاللَّهُ تَعَالَى أَعْلَمُ. (قَالَ: " ثَلَاثُمِائَةٍ وَبِضْعَةُ عَشَرَ ") : أَهُمُ الْعَدَدُ إِشْعَارًا بِعَدَمِ الْجَزْمِ كَيْلَا يَزِيدَ أَوْ يَنْقُصَ فِي الْحَدِّ (جَمًّا غَفِيرًا) . أَيْ جَمًّا كَثِيرًا. وَفِي النِّهَايَةِ أَيْ مُجْتَمِعِينَ كَثِيرِينَ، وَأَصْلُ الْكَلِمَةِ مِنَ الْجُمُومِ وَالْجَمَّةُ وَهُوَ الِاجْتِمَاعُ وَالْكَثْرَةُ. وَالْغَفِيرُ مِنَ الْغَفْرِ، وَهُوَ التَّغْطِيَةُ وَالسَّتْرُ، فَجُعِلَتِ الْكَلِمَتَانِ فِي مَوْضِعِ الشُّمُولِ وَالْإِحَاطَةِ، وَلَمْ تَقُلِ الْعَرَبُ الْجَمَّاءُ إِلَّا مَوْصُوفَةً، وَهُوَ مَنْصُوبٌ عَلَى الْمَصْدَرِ كَطُرًّا وَقَاطِبَةً، فَإِنَّهَا أَسْمَاءٌ وُضِعَتْ مَوْضِعَ الْمَصْدَرِ.

(وَفِي رِوَايَةٍ عَنْ أَبِي أُمَامَةَ) ، الظَّاهِرُ أَنَّ الْمُرَادَ بِهِ لَيْسَ أَبَا أُمَامَةَ الْبَاهِلِيَّ، فَإِنَّهُ صَحَابِيٌّ جَلِيلٌ، بَلْ هُوَ أَبُو أُمَامَةَ سَهْلُ بْنُ حُنَيْفٍ الْأَنْصَارِيُّ الْأَوْسِيُّ، وُلِدَ عَلَى عَهْدِ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قَبْلَ وَفَاتِهِ بِعَامَيْنِ، وَلَمْ يَسْمَعْ مِنْهُ شَيْئًا لِصِغَرِهِ،

طور بواسطة نورين ميديا © 2015