مِنْ غَيْرِ التَّوَانِي. قَالَ الطِّيبِيُّ - رَحِمَهُ اللَّهُ - أَيْ: لَا يَسْتَوِي فِي الْكَرَامَةِ مَنْ خَلَقْتُهُ بِنَفْسِي وَلَا وَكَّلْتُ خَلْقَهُ إِلَى أَحَدٍ، وَنَفَخْتُ فِيهِ مِنْ رُوحِي وَهُوَ آدَمُ وَأَوْلَادُهُ، مَعَ مَنْ يَكُونُ بِمُجَرَّدِ الْأَمْرِ بِقَوْلِ (كُنْ) وَهُوَ الْمَلِكُ، وَإِضَافَةُ الرُّوحِ إِلَى نَفْسِهِ إِضَافَةُ تَشْرِيفٍ كَقَوْلِهِ: بَيْتُ اللَّهِ، وَقَالَ ابْنُ الْمَلَكِ أَيْ: لَا يَسْتَوِي الْبَشَرُ وَالْمَلَكُ فِي الْكَرَامَةِ وَالْقُرْبَةِ، بَلْ كَرَامَةُ الْبَشَرِ أَكْثَرُ وَمَنْزِلَتُهُ أَعْلَى، وَهَذَا مِنْ جُمْلَةِ مَا يَسْتَدِلُّ بِهِ أَهْلُ السُّنَّةِ فِي تَفْضِيلِ الْبَشَرِ عَلَى الْمَلَكِ. أَقُولُ: وَوَجْهُهُ وَاللَّهُ تَعَالَى أَعْلَمُ أَنَّ الْمَلَكَ خُلِقَ مَعْصُومًا، فَصَارَ عَنِ الْجَحِيمِ مَمْنُوعًا وَعَنِ النَّعِيمِ مَحْرُومًا، وَالْبِشْرُ خُلِقَ مَمْحُونًا بِالطَّاعَةِ وَالْمَعْصِيَةِ، وَمَبْلُوًّا بِالْعَطِيَّةِ وَالْبَلِيَّةِ، فَمَنْ قَامَ بِحَقِّهَا اسْتَحَقَّ الثَّوَابَ فِي الدَّارَيْنِ، وَمَنْ أَعْرَضَ عَنْهُمَا اسْتَوْجَبَ الْعَذَابَ فِي الْكَوْنَيْنِ (رَوَاهُ الْبَيْهَقِيُّ فِي شُعَبِ الْإِيمَانِ) .