لِحِكْمَةِ كَوْنِ عَذَابِ اللَّهِ أَشَدَّ مِنْ عَذَابِ النَّاسِ؛ وَلِذَلِكَ أُوثِرَ ذِكْرُ النَّارِ عَلَى سَائِرِ أَصْنَافِ الْعَذَابِ فِي كَثِيرٍ مِنْ كُتُبِ السُّنَّةِ، مِنْهَا قَوْلُهُ تَعَالَى: {فَمَا أَصْبَرَهُمْ عَلَى النَّارِ} [البقرة: 175] ، وَقَوْلُهُ: {فَاتَّقُوا النَّارَ الَّتِي وَقُودُهَا النَّاسُ وَالْحِجَارَةُ} [البقرة: 24] ، وَإِنَّمَا أَظْهَرَ اللَّهُ هَذَا الْجُزْءَ مِنَ النَّارِ فِي الدُّنْيَا أُنْمُوذَجًا لِمَا فِي تِلْكَ الدَّارِ. قَالَ الْإِمَامُ الْغَزَالِيُّ عَلَيْهِ رَحْمَةُ الْبَارِي فِي " الْإِحْيَاءِ ": اعْلَمْ أَنَّكَ أَخْطَأْتَ فِي الْقِيَاسِ، فَإِنَّ نَارَ الدُّنْيَا لَا تُنَاسِبُ نَارَ جَهَنَّمَ، وَلَكِنْ لَمَّا كَانَ أَشَدُّ عَذَابٍ فِي الدُّنْيَا عَذَابَ هَذِهِ النَّارِ، عُرِفَ عَذَابُ جَهَنَّمَ بِهَا، وَهَيْهَاتَ لَوْ وَجَدَ أَهْلُ الْجَحِيمِ مِثْلَ هَذِهِ النَّارِ لَخَاضُوهَا هَرَبًا مِمَّا هُمْ فِيهِ. (مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ) . وَاللَّفْظُ لِلْبُخَارِيِّ) أَيْ وَوَافَقَهُ مُسْلِمٌ فِي الْمَعْنَى. (وَفِي رِوَايَةِ مُسْلِمٍ: " نَارُكُمُ الَّتِي يُوقِدُ ابْنُ آدَمَ) مِنَ الْإِيقَادِ، وَيَجُوزُ التَّشْدِيدُ مِنَ التَّوْقِيدِ (وَفِيهَا) أَيْ فِي رِوَايَةِ مُسْلِمٍ (" عَلَيْهَا " وَ " كُلُّهَا " بَدَلُ: " عَلَيْهِنَّ " وَ " كُلَّهُنَّ ") . بِالنَّصْبِ، أَيْ عِوَضَهُمَا لَفًّا وَنَشْرًا مُرَتَّبًا.