الْفَصْلُ الْأَوَّلُ
5516 - عَنْ أَنَسٍ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قَالَ: " «لَا تَقُومُ السَّاعَةُ حَتَّى لَا يُقَالَ فِي الْأَرْضِ: اللَّهُ اللَّهُ» "، وَفِي رِوَايَةٍ: قَالَ: " «لَا تَقُومُ السَّاعَةُ عَلَى أَحَدٍ يَقُولُ: اللَّهُ اللَّهُ» ". رَوَاهُ مُسْلِمٌ.
ـــــــــــــــــــــــــــــ
[7]- بَابُ لَا تَقُومُ السَّاعَةُ إِلَّا عَلَى شِرَارِ النَّاسِ
رُوِيَ بِتَنْوِينِ بَابٍ، وَبِالْإِضَافَةِ إِلَى الْجُمْلَةِ، وَاقْتَصَرَ عَلَى الْأَوَّلِ أَصْلُ السَّيِّدِ، وَالطِّيبِيُّ عَلَى الثَّانِي ; حَيْثُ قَالَ: هَذِهِ الْجُمْلَةُ مَحْكِيَّةٌ مُضَافٌ إِلَيْهَا تَرْجَمَةُ الْبَابِ، وَهُوَ مِنْ بَابِ تَسْمِيَةِ الشَّيْءِ بِالْجُمَلِ عَلَى سَبِيلِ الْحِكَايَةِ، كَمَا سَمَّوْا: بِتَأَبَّطَ شَرًّا، وَبَرَقَ نَحْرُهُ، وَشَابَ قَرْنَاهَا، وَكَمَا لَوْ سُمِّيَ بِـ (زَيْدُ مُنْطَلَقٌ أَوْ بَيْتُ شِعْرٍ) .
الْفَصْلُ الْأَوَّلُ
5516 - عَنْ أَنَسٍ، أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ تَعَالَى عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قَالَ: " «لَا تَقُومُ السَّاعَةُ حَتَّى لَا يُقَالَ فِي الْأَرْضِ: اللَّهُ اللَّهُ» ": بِالرَّفْعِ فِيهِمَا وَكُرِّرَ لِلتَّأْكِيدِ، وَقِيلَ: تَكْرِيرُهُ عِبَارَةٌ عَنْ تَكْثِيرِ ذِكْرِهِ، وَقِيلَ: مَعْنَاهُ: اللَّهُ حَسْبِي، أَوْ هُوَ الْمَعْبُودُ، فَالْأَوَّلُ مُبْتَدَأٌ، وَالثَّانِي خَبَرٌ، وَفِي نُسْخَةٍ بِنَصْبِهِمَا. قَالَ شَارِحٌ: قَوْلُهُ: (اللَّهُ اللَّهُ) بِالرَّفْعِ مُبْتَدَأٌ أَوْ خَبَرٌ أَيِ: اللَّهُ هُوَ الْمُسْتَحِقُّ لِلْعِبَادَةِ لَا غَيْرُهُ، وَإِنْ رُوِيَا بِالنَّصْبِ، فَعَلَى التَّحْذِيرِ أَيِ: اتَّقُوا اللَّهَ وَاعْبُدُوهُ، فَعَلَى هَذَا مَعْنَاهُ: لَا تَقُومُ السَّاعَةُ حَتَّى لَا يَبْقَى فِي الْأَرْضِ مُسْلِمٌ يُحَذِّرُ النَّاسَ مِنَ اللَّهِ، وَقِيلَ: أَيْ لَا يَذْكُرُ اللَّهَ فَلَا يَبْقَى حِكْمَةٌ فِي بَقَاءِ النَّاسِ، وَمِنْ هَذَا يُعْرَفُ أَنَّ بَقَاءَ الْعَالَمِ بِبَرَكَةِ الْعُلَمَاءِ الْعَامِلِينَ، وَالْعُبَّادِ الصَّالِحِينَ، وَعُمُومِ الْمُؤْمِنِينَ، وَهُوَ الْمُرَادُ بِمَا قَالَهُ الطِّيبِيُّ رَحِمَهُ اللَّهُ، مَعْنَى (حَتَّى لَا يُقَالَ) حَتَّى لَا يُذْكَرَ اسْمُ اللَّهِ وَلَا يُعْبَدَ، وَإِلَيْهِ يُنْظَرُ قَوْلُهُ تَعَالَى: {وَيَتَفَكَّرُونَ فِي خَلْقِ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ رَبَّنَا مَا خَلَقْتَ هَذَا بَاطِلًا} [آل عمران: 191] ، يَعْنِي: مَا خَلَقْتَهُ خَلْقًا بَاطِلًا بِغَيْرِ حِكْمَةٍ، بَلْ خَلَقْتَهُ لِأَذْكُرَ وَأَعْبُدَ، فَإِذَا لَمْ يُذْكَرْ وَلَمْ يُعْبَدْ ; فَبِالْحَرِيِّ أَنْ يُخَرِّبَ وَتَقُومَ السَّاعَةُ. وَقَالَ الْمُظْهِرُ: هَذَا دَلِيلٌ عَلَى أَنَّ بَرَكَةَ الْعُلَمَاءِ وَالصُّلَحَاءِ تَصِلُ إِلَى مَنْ فِي الْعَالَمِ مِنَ الْجِنِّ وَالْإِنْسِ وَغَيْرِهِمَا مِنَ الْحَيَوَانَاتِ وَالْجَمَادَاتِ وَالنَّبَاتَاتِ، وَفِي رِوَايَةٍ: ( «لَا تَقُومُ السَّاعَةُ عَلَى أَحَدٍ يَقُولُ اللَّهُ اللَّهُ» ) : بِالْوَجْهَيْنِ فِيهِمَا (رَوَاهُ مُسْلِمٌ) ، وَكَذَا أَحْمَدُ، وَالتِّرْمِذِيُّ.