5514 - وَعَنْ سَعْدِ بْنِ أَبِي وَقَّاصٍ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - عَنِ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قَالَ: " «إِنِّي لَأَرْجُو أَنْ لَا تَعْجِزَ أُمَّتِي عِنْدَ رَبِّهَا أَنْ يُؤَخِّرَهُمْ نِصْفَ يَوْمٍ ". قِيلَ لِسَعْدٍ: وَكَمْ نِصْفُ يَوْمٍ؟ قَالَ: خَمْسُمِائَةِ سَنَةٍ» . رَوَاهُ أَبُو دَاوُدَ.
ـــــــــــــــــــــــــــــ
5514 - (وَعَنْ سَعْدِ بْنِ أَبِي وَقَّاصٍ، عَنِ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قَالَ: " إِنِّي لَأَرْجُو أَنْ لَا تَعْجِزَ أُمَّتِي ") : بِكَسْرِ الْجِيمِ وَيَجُوزُ ضَمُّهَا، وَهُوَ مَفْعُولُ أَرْجُو، أَيْ: أَرْجُو عَدَمَ عَجْزِ أُمَّتِي (" عِنْدَ رَبِّهَا ") : مِنْ كَمَالِ قُرْبِهَا (" أَنْ يُؤَخِّرَهُمْ نِصْفَ يَوْمٍ ") : يَوْمٍ بَدَلٌ مِنْ أَنْ لَا تَعْجِزَ وَاخْتَارَهُ ابْنُ الْمَلَكِ، أَوْ مُتَعَلِّقٌ بِهِ بِحَذْفِ عَنْ، كَمَا اقْتَصَرَ عَلَيْهِ الطِّيبِيُّ ثُمَّ قَالَ: وَعَدَمُ الْعَجْزِ هُنَا كِنَايَةٌ عَنِ التَّمَكُّنِ مِنَ الْقُرْبَةِ، وَالْمَكَانَةِ عِنْدَ اللَّهِ تَعَالَى، مِثَالُ ذَلِكَ قَوْلُ الْمُقَرَّبِ عِنْدَ السُّلْطَانِ: إِنِّي لَا أَعْجِزُ أَنْ يُوَلِّيَنِي الْمَلِكُ كَذَا وَكَذَا، يَعْنِي بِهِ أَنَّ لِي عِنْدَهُ مَكَانَةً وَقُرْبَةً يَحْصُلُ بِهَا كُلُّ مَا أَرْجُوهُ عِنْدَهُ، فَالْمَعْنَى أَنِّي أَرْجُو أَنْ يَكُونَ لِأُمَّتِي عِنْدَ اللَّهِ مَكَانَةٌ وَمَنْزِلَةٌ يُمْهِلُهُمْ مِنْ زَمَانِي هَذَا إِلَى انْتِهَاءِ خَمْسِمِائَةِ سَنَةٍ ; بِحَيْثُ لَا يَكُونُ أَقَلَّ مِنْ ذَلِكَ إِلَى قِيَامِ السَّاعَةِ. (قِيلَ لِسَعْدٍ: وَكَمْ نِصْفُ يَوْمٍ؟ قَالَ: خَمْسُمِائَةِ سَنَةٍ) : إِنَّمَا فَسَّرَ الرَّاوِي نِصْفَ الْيَوْمِ بِخَمْسِمِائَةٍ نَظَرًا إِلَى قَوْلِهِ تَعَالَى: {وَإِنَّ يَوْمًا عِنْدَ رَبِّكَ كَأَلْفِ سَنَةٍ مِمَّا تَعُدُّونَ} [الحج: 47] ، وَقَوْلِهِ تَعَالَى: {يُدَبِّرُ الْأَمْرَ مِنَ السَّمَاءِ إِلَى الْأَرْضِ ثُمَّ يَعْرُجُ إِلَيْهِ فِي يَوْمٍ كَانَ مِقْدَارُهُ أَلْفَ سَنَةٍ} [السجدة: 5] ، وَإِنَّمَا عَبَّرَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ تَعَالَى عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - عَنْ خَمْسِمِائَةِ سَنَةٍ بِنِصْفِ يَوْمٍ تَقْلِيلًا لِبُغْيَتِهِمْ، وَرَفْعًا لِمَنْزِلَتِهِمْ، أَيْ: لَا يُنَاقِشُهُمْ فِي هَذَا الْمِقْدَارِ الْقَلِيلِ، بَلْ يَزِيدُهُمْ مِنْ فَضْلِهِ، وَقَدْ وَهِمَ بَعْضُهُمْ، وَنَزَّلَ الْحَدِيثَ عَلَى أَمْرِ الْقِيَامَةِ، وَحَمَلَ الْيَوْمَ عَلَى يَوْمِ الْمَحْشَرِ، فَهِمَ أَنَّهُ غُفْلٌ عَمَّا حَقَّقْنَاهُ وَنَبَّهْنَا عَلَيْهِ، فَهَلَّا انْتَبَهَ لِمَكَانِ الْحَدِيثِ، وَأَنَّهُ فِي أَيِّ بَابٍ مِنْ أَبْوَابِ الْكِتَابِ ; فَإِنَّهُ مَكْتُوبٌ فِي بَابِ قُرْبِ السَّاعَةِ، فَأَيْنَ هُوَ مِنْهُ؟ ذَكَرَهُ الطِّيبِيُّ - رَحِمَهُ اللَّهُ - وَلَعَلَّهُ - صَلَّى اللَّهُ تَعَالَى عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - أَرَادَ بِالْخَمْسِمِائَةِ أَنْ يَكُونَ بَعْدَ الْأَلْفِ السَّابِعِ فَإِنَّ الْيَوْمَ نَحْنُ فِي سَابِعِ سَنَةٍ مِنَ الْأَلْفِ الثَّامِنِ، وَفِيهِ إِشَارَةٌ إِلَى أَنَّهُ لَا يَتَعَدَّى عَنِ الْخَمْسِمِائَةِ ; فَيُوَافِقُ حَدِيثَ عُمَرَ: الدُّنْيَا سَبْعَةُ آلَافِ سَنَةٍ فَالْكَسْرُ الزَّائِدُ يُلْغَى، وَنِهَايَتُهُ إِلَى النِّصْفِ، وَأَمَّا مَا بَعْدَهُ فَيُعَدُّ أَلْفًا ثَامِنًا بِإِلْغَاءِ الْكَسْرِ النَّاقِصِ، وَقِيلَ: أَرَادَ بَقَاءَ دِينِهِ وَنِظَامِ مِلَّتِهِ فِي الدُّنْيَا مُدَّةَ خَمْسِمِائَةِ سَنَةٍ، فَقَوْلُهُ: أَنْ يُؤَخِّرَهُمْ أَيْ عَنْ أَنْ يُؤَخِّرَهُمُ اللَّهُ سَالِمِينَ عَنِ الْعُيُوبِ مِنِ ارْتِكَابِ الذُّنُوبِ وَالشَّدَائِدِ النَّاشِئَةِ مِنَ الْكُرُوبِ، وَاللَّهُ تَعَالَى أَعْلَمُ. (رَوَاهُ أَبُو دَاوُدَ) .