(فَقَالَ أَبُو بَكْرَةَ: فَسَمِعْنَا بِمَوْلُودٍ فِي الْيَهُودِ بِالْمَدِينَةِ، فَذَهَبْتُ أَنَا وَالزُّبَيْرُ بْنُ الْعَوَّامِ) : بِالرَّفْعِ أَوِ النَّصْبِ (حَتَّى دَخَلْنَا عَلَى أَبَوَيْهِ، فَإِذَا نَعْتُ رَسُولِ اللَّهِ) أَيْ: وَصْفُهُ (- صَلَّى اللَّهُ تَعَالَى عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فِيهِمَا، فَقُلْنَا: هَلْ لَكُمَا وَلَدٌ) ؟ بِالرَّفْعِ أَيْ: وُلِدَ وَلَدٌ، (فَقَالَا: مَكَثْنَا) : بِفَتْحِ الْكَافِ وَضَمِّهَا أَيْ: لَبِثْنَا (ثَلَاثِينَ عَامًا لَا يُولَدُ لَنَا وَلَدٌ ثُمَّ وُلِدَ لَنَا غُلَامٌ أَعْوَرُ أَضْرَسُ) ، فِيهِ مَا تَقَدَّمَ (وَأَقَلُّهُ مَنْفَعَةً، تَنَامُ عَيْنَاهُ وَلَا يَنَامُ قَلْبُهُ) ، وَلَعَلَّهُ كَانَ يَظْهَرُ بَعْضُ آثَارِ قَلْبِهِ عَلَى صَفْحَةِ قَالِبِهِ، أَوْ هُوَ أَخْبَرَهُمَا عَنْ بَعْضِ مُدْرَكَاتِ قَلْبِهِ حَالَ نَوْمِهِ.
(قَالَ) أَيْ: أَبُو بَكْرَةَ (فَخَرَجْنَا مِنْ عِنْدِهِمَا، فَإِذَا هُوَ) أَيِ: الْغُلَامُ (مُنْجَدِلٌ) بِكَسْرِ الدَّالِ أَيْ: مُلْقًى عَلَى وَجْهِ الْأَرْضِ. قَالَ الطِّيبِيُّ رَحِمَهُ اللَّهُ: أَيْ مُلْقًى عَلَى الْجَدَالَةِ، وَهِيَ الْأَرْضُ، وَمِنْهُ الْحَدِيثُ: " «أَنَا خَاتَمُ الْأَنْبِيَاءِ فِي أُمِّ الْكِتَابِ وَآدَمُ الْمُنْجَدِلُ فِي طِينَتِهِ» ". قُلْتُ فَفِيهِ تَجْرِيدٌ أَوْ تَأْكِيدٌ، وَالْمَعْنَى أَنَّهُ سَاقِطٌ أَوْ وَاقِعٌ (فِي الشَّمْسِ فِي قَطِيفَةٍ) أَيْ: دِثَارٍ مُخْمَلٍ، وَقِيلَ لِحَافٍ صَغِيرٍ، (لَهُ عَلَى مَا فِي الْقَامُوسِ، (وَلَهُ هَمْهَمَةٌ) أَيْ: زَمْزَمَةٌ، وَقَالَ شَارِحٌ: أَيْ كَلَامٌ غَيْرُ مَفْهُومٍ مِنْهُ شَيْءٌ، وَهِيَ فِي الْأَصْلِ تَرْدِيدُ الصَّوْتِ فِي الصَّدْرِ، أَيْ: كَمَا هُوَ مُشَاهَدٌ فِي الْفَرَسِ عِنْدَ جَرَيَانِهِ، وَفِي النِّهَايَةِ: وَأَصْلُ الْهَمْهَمَةِ صَوْتُ الْبَقَرِ، (فَكَشَفَ) أَيِ: ابْنُ صَيَّادٍ (عَنْ رَأْسِهِ) أَيْ: غِطَاءَهُ (فَقَالَ: مَا قُلْتُمَا) ؟ كَأَنَّهُ وَقَعَ كَلَامٌ بَيْنَهُمَا فِيهِ أَوْ فِي غَيْرِهِ، (قُلْنَا: وَهَلْ سَمِعْتَ مَا قُلْنَا؟ قَالَ نَعَمْ، تَنَامُ عَيْنَايَ وَلَا يَنَامُ قَلْبِي. رَوَاهُ التِّرْمِذِيُّ) ، وَكَذَا أَبُو دَاوُدَ.