(عَلَى غَيْرِ أَرْحَامٍ) أَيْ: حَالِ كَوْنِ تَحَابُبِهِمْ عَلَى غَيْرِ أَرْحَامٍ (بَيْنَهُمْ) أَيْ: بِغَيْرِ نَسَبٍ صُورِيٍّ، بَلْ لِأَجْلِ قُرْبٍ مَعْنَوِيٍّ (وَلَا أَمْوَالٍ) أَيْ: وَلَا اشْتِرَاكِ أَمْوَالٍ (يَتَعَاطَوْنَهَا) ، أَيْ: بِالْمُعَامَلَةِ أَوِ الْمُجَامَلَةِ، وَلَمَّا كَانَتِ الْأَغْرَاضُ الْفَاسِدَةُ فِي الْمَحَبَّةِ مُنْحَصِرَةٌ فِي أَنَّهَا إِمَّا أَنْ تَكُونَ لِلْقُرَابَةِ عَلَى مَا هُوَ مَرْكُوزٌ فِي الطَّبَائِعِ، أَوْ لِلْمَالِ مِنْ حَيْثُ إِنَّهُ مَطْمَحُ الْأَطْمَاعِ اقْتَصَرَ عَلَيْهِمَا، وَالْمَقْصُودُ تَحْسِينُ النِّيَّةِ تَزْيِينُ الطَّوِيَّةِ (فَوَاللَّهِ إِنَّ وُجُوهَهُمْ لَنُورٌ) أَيْ: مُنَوَّرَةٌ أَوْ ذَاتُ نُورٍ، أَوْ هِيَ نَفْسُ النُّورِ مُبَالَغَةً كَرَجُلٍ عَدْلٍ (وَإِنَّهُمْ لَعَلَى نُورٍ) أَيْ: عَلَى مَنَابِرَ مِنْ نُورٍ كَمَا جَاءَ فِي حَدِيثٍ آخَرَ. قَالَ الْقَاضِي: وَهُوَ تَمْثِيلٌ لِمَنْزِلَتِهِمْ، وَمَحَلُّهُمْ مِثْلُهَا بِمَا هُوَ أَعْلَى مَا يُجْلَسُ عَلَيْهِ فِي الْمَجَالِسِ وَالْمَحَافِلِ عَلَى أَعَزِّ الْأَوْضَاعِ وَأَشْرَفِهَا، مِنْ جِنْسِ مَا هُوَ أَبْهَى وَأَحْسَنِ مَا يُشَاهَدُ، لِيَدُلَّ عَلَى أَنَّ رُتْبَتَهُمْ فِي الْغَايَةِ الْقُصْوَى مِنَ الْعَلَاءِ وَالشَّرَفِ وَالْبَهَاءِ اهـ. وَعُبِّرَ عَنْهَا بِالنُّورِ مُبَالَغَةً، فَهُمْ نُورٌ عَلَى نُورٍ فِي غَايَةٍ مِنَ الظُّهُورِ، وَلَهُمْ سُرُورٌ عَلَى سُرُورٍ. (لَا يَخَافُونَ إِذَا خَافَ النَّاسُ، وَلَا يَحْزَنُونَ إِذَا حَزِنَ النَّاسُ) بِكَسْرِ الزَّايِ (وَقَرَأَ) أَيِ: النَّبِيُّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - اسْتِشْهَادًا لِلْفِقْرَةِ الْأَخِيرَةِ مِنَ الْحَدِيثِ، أَوْ قَرَأَ الصَّحَابِيُّ اعْتِضَادًا (هَذِهِ الْآيَةَ: أَلَا) : لِلتَّنْبِيهِ (إِنَّ أَوْلِيَاءَ اللَّهِ) أَيِ: الْمُتَّقُونَ الْأَعَمُّ مِنَ الْمُتَحَابِّينَ (لَا خَوْفٌ عَلَيْهِمْ) أَيْ: يَوْمَ الْقِيَامَةِ مِنْ لُحُوقِ عِقَابٍ (وَلَا هُمْ يَحْزَنُونَ) : مِنْ فَوْتِ ثَوَابٍ. (رَوَاهُ أَبُو دَاوُدَ) أَيْ: عَنْ عُمَرَ بِلَفْظِ الْمِشْكَاةِ.