وَتَبِعَهُ ابْنُ الْمَلَكِ، لَكِنَّ فِي عِبَارَتِهِمَا خَطَأً فَاحِشًا إِذْ مَفْهُومُهُ أَنَّ مَغْفِرَةَ عُقُوقِ الْوَالِدَيْنِ مُسْتَثْنًى، وَلَوْ تَعَلَّقَتْ بِهَا مَشِيئَةُ اللَّهِ تَعَالَى، وَلَيْسَ كَذَلِكَ فَإِيرَادُ مَا شَاءَ فِي الْحَدِيثِ إِنَّمَا هُوَ لِإِخْرَاجِ الشِّرْكِ فَقَطْ. قَالَ تَعَالَى: {إِنَّ اللَّهَ لَا يَغْفِرُ أَنْ يُشْرَكَ بِهِ وَيَغْفِرُ مَا دُونَ ذَلِكَ لِمَنْ يَشَاءُ} [النساء: 48] ، فَالصَّوَابُ أَنَّ مَعْنَاهُ: كُلُّ فَرْدٍ مِنْ أَفْرَادِ الذُّنُوبِ الَّتِي قَدْ يَتَعَلَّقُ بِهِ مَشِيئَةُ اللَّهِ تَعَالَى مَغْفُورٌ إِلَّا عُقُوقَ الْوَالِدَيْنِ، فَإِنَّ الْغَالِبَ أَنْ لَا يَتَعَلَّقَ بِهِ مَشِيئَةُ الْمَغْفِرَةِ. وَفِي هَذَا أَوْفَى زَجْرٍ وَتَهْدِيدٍ، وَلَا يَصِحُّ أَنْ يُقَالَ: التَّقْدِيرُ إِلَّا عُقُوقَهُمَا، فَإِنَّهُ لَا يَتَعَلَّقُ بِهِ الْمَشِيئَةُ مُطْلَقًا، وَحِينَئِذٍ يَكُونُ وَارِدًا عَلَى سَبِيلِ الْوَعِيدِ وَالتَّشْدِيدِ ; لِأَنَّ كَلَامَهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - لَا يُحْمَلُ عَلَى مَا يَكُونُ ظَاهِرُهُ مُنَاقِضًا لِكَلَامِهِ سُبْحَانَهُ، وَقَدْ أَخْبَرَ بِأَنَّ مَشِيئَتَهُ تَتَعَلَّقُ بِمَا عَدَا الشِّرْكَ.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015