4602 - وَعَنْ قَتَادَةَ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - قَالَ: خَلْقَ اللَّهُ تَعَالَى هَذِهِ النُّجُومَ لِثَلَاثٍ: جَعَلَهَا زِينَةً لِلسَّمَاءِ، وَرُجُومًا لِلشَّيَاطِينِ، وَعَلَامَاتٍ يُهْتَدَى بِهَا، فَمَنْ قَالَ فِيهَا بِغَيْرِ ذَلِكَ أَخَطَأَ وَأَضَاعَ نَصِيبَهُ، وَتَكَلَّفَ مَا لَا يَعْلَمُ. رَوَاهُ الْبُخَارِيُّ تَعْلِيقًا - وَفِي رِوَايَةِ رَزِينٍ: (وَتَكَلَّفَ مَا لَا يَعْنِيهِ وَمَا لَا عِلْمَ لَهُ بِهِ، وَمَا عَجَزَ عَنْ عِلْمِهِ الْأَنْبِيَاءُ وَالْمَلَائِكَةُ) .
ـــــــــــــــــــــــــــــ
4602 - (وَعَنْ قَتَادَةَ) : رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُ تَابِعِيٌّ جَلِيلٌ مَشْهُورٌ، سَبَقَ ذِكْرُهُ وَهُوَ مِنْ أَجِلَّاءِ الْمُفَسِّرِينَ. (قَالَ: خَلَقَ اللَّهُ تَعَالَى هَذِهِ النُّجُومَ لِثَلَاثٍ) أَيْ: مِنَ الْحِكَمِ (جَعَلَهَا زِينَةً لِلسَّمَاءِ، وَرُجُومًا لِلشَّيَاطِينِ) أَيْ: كَمَا قَالَ تَعَالَى: {وَلَقَدْ زَيَّنَّا السَّمَاءَ الدُّنْيَا بِمَصَابِيحَ وَجَعَلْنَاهَا رُجُومًا لِلشَّيَاطِينِ} [الملك: 5] (وَعَلَامَاتٍ يُهْتَدَى بِهَا) بِصِيغَةِ الْمَجْهُولِ. قَالَ تَعَالَى: {وَبِالنَّجْمِ هُمْ يَهْتَدُونَ} [النحل: 16] (فَمَنْ تَأَوَّلَ فِيهَا بِغَيْرِ ذَلِكَ) أَيْ: مَنْ ذَكَرَ فِي النُّجُومِ فَائِدَةً أُخْرَى مِنْ غَيْرِ مَا ذُكِرَ (أَخْطَأَ) أَيْ: حَيْثُ تَكَلَّمَ رَجْمًا بِالْغَيْبِ (وَأَضَاعَ نَصِيبَهُ) أَيْ: حَظَّهُ مِنْ عُمُرِهِ وَهُوَ الِاشْتِغَالُ بِمَا يَعْنِيهِ، وَيَنْفَعُهُ فِي الدُّنْيَا وَالْآخِرَةِ (وَتَكَلَّفَ مَا لَا يَعْلَمُ) أَيْ: شَيْئًا يُتَصَوَّرُ عِلْمُهُ ; لِأَنَّ أَخْبَارَ السَّمَاءِ لَا تُعْلَمُ إِلَّا مِنْ طَرِيقِ الْكِتَابِ وَالسُّنَّةِ، وَلَيْسَ فِيهِمَا أَزْيَدُ مِمَّا تَقَدَّمَ وَاللَّهُ أَعْلَمُ. وَمِنْ حِكَايَاتِ الظُّرَفَاءِ أَنَّ مُنَجِّمًا سُرِقَ مِنْهُ شَيْءٌ فَقَالَ لَهُ بَعْضُ الْعَارِفِينَ: أَنْتَ لَا تَعْرِفُ مَا فِي الْأَرْضِ كَيْفَ تَدَّعِي مَعْرِفَةَ مَا فِي السَّمَاءِ؟ (رَوَاهُ الْبُخَارِيُّ تَعْلِيقًا) أَيْ: بِلَا إِسْنَادٍ. (وَفِي رِوَايَةِ رَزِينٍ: وَتَكَلَّفَ مَا لَا يَعْنِيهِ) أَيْ: وَمِنْ حُسْنِ إِسْلَامِ الْمَرْءِ تَرْكُهُ مَا لَا يَعْنِيهِ كَمَا فِي الْحَدِيثِ الْمَشْهُورِ. (وَمَا لَا عِلْمَ لَهُ بِهِ) . قَالَ الطِّيبِيُّ: لَيْسَ نَفْيًا لِمَا يَتَعَانَاهُ الْمُنَجِّمُ مِنَ الْأَحْكَامِ وَإِثْبَاتًا لِغَيْرِهِ، بَلْ نَفْيُهُ بِالْكُلِّيَّةِ، وَيُؤَيِّدُهُ مَا اتَّبَعَهُ مِنْ قَوْلِهِ: (وَمَا عَجَزَ عَنْ عِلْمِهِ الْأَنْبِيَاءُ وَالْمَلَائِكَةُ) أَيْ: حَيْثُ لَمْ يَظْهَرْ مِنْهُمْ شَيْءٌ، وَإِلَّا فَاللَّهُ أَعْلَمُ بِأَنَّهُمْ يَعْلَمُونَ بَعْضَ الْأَحْكَامِ الْمُتَعَلِّقَةِ بِالنُّجُومِ أَمْ لَا.