الْعَسَلِ: {فِيهِ شِفَاءٌ لِلنَّاسِ} [النحل: 69] وَقَالَ فِي صِفَةِ الْقُرْآنِ {وَشِفَاءٌ لِمَا فِي الصُّدُورِ وَهُدًى} [يونس: 57] قَالَ الطِّيبِيُّ، قَوْلُهُ: الْعَسَلُ وَالْقُرْآنُ تَقْسِيمٌ لِلْجَمْعِ، فَجُعِلَ جِنْسُ الشِّفَاءِ نَوْعَيْنِ. حَقِيقِيٌّ وَغَيْرُ حَقِيقِيٍّ، ثُمَّ قَسَّمَهُ. وَنَحْوُهُ قَوْلُكَ: الْقَلَمُ أَحَدُ اللِّسَانَيْنِ، وَالْخَالُ أَحَدُ الْأَبَوَيْنِ. قُلْتُ: وَكَذَا الْمَرَقُ أَحَدُ اللَّحْمَيْنِ، لَكِنَّ الْحَقِيقِيَّ هُوَ الْقُرْآنُ الشَّامِلُ لِشِفَاءِ الظَّاهِرِ وَالْبَاطِنِ، كَمَا أُطْلِقَ فِي آيَةٍ، وَأَمَّا التَّقْيِيدُ فِي آيَةٍ أُخْرَى إِشَارَةٌ إِلَى أَنَّ شِفَاءَ الْبَاطِنِ هُوَ الْأَصْلُ الْأَهَمُّ، فَالِاعْتِنَاءُ بِهِ أَتَمٌّ وَالِانْتِفَاعُ بِهِ أَهَمٌّ، وَظَاهِرُ سِيَاقِ كَلَامِ الطِّيبِيِّ مُوهِمٌ خِلَافَ ذَلِكَ، وَهُوَ يُوَافِقُ كَلَامَ أَرْبَابِ الْعَرَبِيَّةِ بِخِلَافِ اصْطِلَاحَاتِ الصُّوفِيَّةِ حَيْثُ يَقُولُونَ: {اللَّهُ يَتَوَفَّى الْأَنْفُسَ} [الزمر: 42] ، حَقِيقَةً، وَ {قُلْ يَتَوَفَّاكُمْ مَلَكُ الْمَوْتِ} [السجدة: 11] مَجَازٌ، وَاللَّهُ أَعْلَمُ. (رَوَاهُمَا) : أَيِ الْحَدِيثَيْنِ السَّابِقَيْنِ (ابْنُ مَاجَهْ) أَيْ فِي سُنَنِهِ (وَالْبَيْهَقِيُّ فِي شُعَبِ الْإِيمَانِ. وَقَالَ) : أَيِ الْبَيْهَقِيُّ (الصَّحِيحُ أَنَّ الْأَخِيرَ مَوْقُوفٌ عَلَى ابْنِ مَسْعُودٍ) . وَفِي الْجَامِعِ الصَّغِيرِ: أَنَّ الْحَدِيثَ الْأَخِيرَ رَوَاهُ ابْنُ مَاجَهْ وَالْحَاكِمُ عَنِ ابْنِ مَسْعُودٍ مَرْفُوعًا. وَلَعَلَّ الْبَيْهَقِيَّ لَهُ إِسْنَادَانِ، وَالصَّحِيحُ إِسْنَادُ الْمَوْقُوفِ، وَاللَّهُ أَعْلَمُ.