قَالَ الْمَازِرِيُّ: هَذَا غَيْرُ مُسَلَّمٍ لِأَنَّا بَيَّنَا فِي الْكُتُبِ الْكَلَامِيَّةِ أَنْ لَا فَاعِلَ إِلَّا اللَّهُ، وَبَيَّنَّا فَسَادَ الْقَوْلِ بِالطَّبَائِعِ، وَأَقْرَبُ الطُّرُقِ مَا قَالَهُ بَعْضُ مَنْ يَنْتَحِلُ الْإِسْلَامَ مِنْهُمْ لَا يَبْعُدُ أَنْ يَنْبَعِثَ مِنَ الْعَائِنِ جَوَاهِرُ لَطِيفَةٌ غَيْرُ مَرْئِيَّةٍ مِنَ الْعَيْنِ، فَتَتَّصِلُ بِالْمَعِينِ وَتَتَخَلَّلُ مَسَامَ جِسْمِهِ، فَيَخْلُقُ اللَّهُ سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى الْهَلَاكَ عِنْدَهَا، كَمَا يَخْلُقُ الْهَلَاكَ عِنْدَ شُرْبِ السُّمُومِ عَادَةً أَجْرَاهَا اللَّهُ سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى، وَالْمَازِرِيُّ أَحَدُ جَمَاهِيرِ الْعُلَمَاءِ، وَقَدْ أَطْنَبَ فِي إِثْبَاتِهِ الْإِمَامُ فَخْرُ الدِّينِ الرَّازِّيُّ فِي سُورَةِ يُوسُفَ عَلَيْهِ السَّلَامُ عِنْدَ قَوْلِهِ تَعَالَى: {وَقَالَ يَابَنِيَّ لَا تَدْخُلُوا مِنْ بَابٍ وَاحِدٍ وَادْخُلُوا مِنْ أَبْوَابٍ مُتَفَرِّقَةٍ} [يوسف: 67] فَلْيَنْظُرْ هُنَاكَ مَنْ أَرَادَ زِيَادَةَ الِاطِّلَاعِ عَلَيْهِ (رَوَاهُ مُسْلِمٌ) وَكَذَا أَحْمَدُ، وَأَمَّا الْجُمْلَةُ الْأُولَى وَهِيَ " الْعَيْنُ حَقٌّ " فَقَدْ رَوَاهُ أَحْمَدُ، وَالشَّيْخَانِ، وَأَبُو دَاوُدَ، وَابْنُ مَاجَهْ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، وَابْنُ مَاجَهْ أَيْضًا عَنْ عَامِرِ بْنِ رَبِيعَةَ. وَفِي رِوَايَةٍ لِأَحْمَدَ، وَالطَّبَرَانِيِّ وَالْحَاكِمِ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ: " الْعَيْنُ حَقٌّ تَسْتَنْزِلُ الْحَالِقَ " أَيِ: الْجَبَلُ. وَفِي رِوَايَةِ ابْنِ عَدِيٍّ وَأَبِي نُعَيْمٍ فِي الْحِلْيَةِ، عَنْ جَابِرٍ، وَابْنِ عَدِيٍّ، عَنْ أَبِي ذَرٍّ أَيْضًا: " الْعَيْنُ تُدْخِلُ الرَّجُلَ الْقَبْرَ، وَتُدْخِلُ الْجَمَلَ الْقِدْرَ ". وَفِي رِوَايَةِ الْكَحَجِيِّ فِي سُنَنِهِ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ: " الْعَيْنُ حَقٌّ وَيَحْضُرُ بِهَا الشَّيْطَانُ وَحَسَدُ ابْنِ آدَمَ.