لَعِبَ، كَسَمِعَ، لَعْبًا وَلَعِبًا وَلِعْبًا ضِدُّ جَدٍّ. (فَقَالَ: هِيَ) : أَيْ مُلَاعَبَتُهُ أَوْ هَذِهِ اللُّعْبَةُ، وَأَغْرَبَ الطِّيبِيُّ فَقَالَ: أَنْتَ الرَّاجِعُ إِلَى الشِّطْرَنْجِ بِاعْتِبَارِ التَّمَاثِيلِ (مِنَ الْبَاطِلِ، وَلَا يُحِبُّ اللَّهُ الْبَاطِلَ) : وَيُؤَيِّدُهُ مَا فِي الدُّرِّ الْمَنْثُورِ: أَخْرَجَ ابْنُ أَبِي حَاتِمٍ عَنْ أَشْهَبَ قَالَ: سُئِلَ مَالِكٌ عَنْ شَهَادَةِ اللَّعِبِ بِالشَّطْرَنْجِ وَالنَّرْدِ؟ فَقَالَ: أَمَّا مَنْ أَدْمَنَهَا فَمَا أَرَى شَهَادَتَهُمْ يَقُولُ اللَّهُ تَعَالَى: {فَمَاذَا بَعْدَ الْحَقِّ إِلَّا الضَّلَالُ} [يونس: 32] ، فَهَذَا كُلُّهُ مِنَ الضَّلَالِ. وَأَخْرَجَ أَبُو الشَّيْخِ عَنْ هَمَّامِ بْنِ مُسْلِمٍ، قَالَ: سُئِلَ مَالِكٌ عَنِ اللَّعِبِ بِالشَّطْرَنْجِ؟ فَقَالَ: أَمِنَ الْحَقِّ هِي؟ قِيلَ: لَا، فَتَلَا هَذِهِ الْآيَةَ {فَمَاذَا بَعْدَ الْحَقِّ إِلَّا الضَّلَالُ} [يونس: 32] اهـ.
وَبِهَذَا الِاسْتِدْلَالِ وَبِمَا تَقَدَّمَ مِنْ أَنَّ الْمُرَادَ بِقَوْلِهِ: الْكُوبَةُ هِيَ الشِّطْرَنْجُ، وَبِكَوْنِهِ دَاخِلًا فِي الْمَيْسِرِ حَقِيقَةً أَوْ صُورَةً وَبِتَعَدُّدِ الطُّرُقِ الْحَدِيثِيَّةِ مِنْهَا مَا سَبَقَ، وَمِنْهَا مَا فِي الدُّرِّ أَيْضًا. أَخْرَجَ عَبْدُ بْنُ حُمَيْدٍ، وَالْبَيْهَقِيُّ فِي سُنَنِهِ عَنْ مُجَاهِدٍ قَالَ: الْمَيْسِرُ كِعَابُ فَارِسٍ وَقِدَاحُ الْعَرَبِ، وَهُوَ الْقِمَارُ كُلُّهُ أَيْ حَقِيقَةً أَوْ حَكَمًا. وَأَخْرَجَ الْبَيْهَقِيُّ عَنْ مُجَاهِدٍ قَالَ: الْمَيْسِرُ الْقِمَارُ كُلُّهُ حَتَّى الْجَوْزِ الَّذِي يَلْعَبُ بِهِ الصِّبْيَانُ. وَأَخْرَجَ ابْنُ أَبِي حَاتِمٍ، وَابْنُ مَرْدَوَيْهِ، عَنْ أَبِي مُوسَى الْأَسَدِيِّ عَنِ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: ( «اجْتَنِبُوا هَذِهِ الْكِعَابَ الْمَوْسُومَةَ الَّتِي يُزْجَرُ بِهَا زَجْرًا فَإِنَّهَا مِنَ الْمَيْسِرِ» ) . وَأَخْرَجَ ابْنُ مَرْدَوَيْهِ، وَالْبَيْهَقِيُّ فِي الشُّعَبِ عَنْ سَمُرَةَ بْنِ جُنْدُبٍ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: " «إِيَّاكُمْ وَهَذِهِ الْكِعَابَ الْمَوْسُومَةَ الَّتِي تُزْجَرُ زَجْرًا، فَإِنَّهَا مِنَ الْمَيْسِرِ» ". وَأَخْرَجَ أَحْمَدُ وَابْنُ أَبِي الدُّنْيَا فِي ذَمِّ الْمَلَاهِي، وَابْنُ مَرْدَوَيْهِ فِي شُعَبِ الْإِيمَانِ، عَنِ ابْنِ مَسْعُودٍ مَرْفُوعًا: " «إِيَّاكُمْ وَهَاتَيْنِ اللُّعْبَتَيْنِ الْمَوْسُومَتَيْنِ اللَّتَيْنِ تُزْجَرَانِ زَجْرًا، فَإِنَّهُمَا مَيْسِرُ الْعَجَمِ» ".
وَأَخْرَجَ ابْنُ أَبِي شَيْبَةَ، وَابْنُ الْمُنْذِرِ، وَابْنُ أَبِي حَاتِمٍ عَنْ عَلِيٍّ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - قَالَ: النَّرْدُ وَالشِّطْرَنْجُ مِنَ الْمَيْسِرِ. وَأَخْرَجَ عَبْدُ بْنُ حُمَيْدٍ عَنْ عَلِيٍّ قَالَ: الشِّطْرَنْجُ مَيْسِرُ الْأَعَاجِمِ، وَأَخْرَجَ عَبْدُ بْنُ حُمَيْدٍ، وَابْنُ أَبِي الدُّنْيَا فِي ذَمِّ الْمَلَاهِي، وَالْبَيْهَقِيُّ فِي الشُّعَبِ، عَنِ الْقَاسِمِ أَنَّهُ قِيلَ لَهُ: هَذِهِ النَّرْدُ تَكْرَهُونَهَا فَمَا بَالُ الشِّطْرَنْجِ؟ قَالَ: كُلُّ مَا أَلْهَى عَنْ ذِكْرِ اللَّهِ وَعَنِ الصَّلَاةِ فَهُوَ مِنَ الْمَيْسِرِ، صَحَّ الْقَوْلُ لِأَنَّ الشِّطْرَنْجَ مَكْرُوهٌ لَعِبُهُ كَرَاهَةَ تَحْرِيمٍ، وَلَا يُنَافِيهِ مَا ذَكَرَهُ الْمُنْذِرِيُّ مِنْ أَنَّهُ قَدْ وَرَدَ ذِكْرُ الشِّطْرَنْجِ فِي أَحَادِيثَ لَا أَعْلَمُ لِشَيْءٍ مِنْهَا إِسْنَادًا صَحِيحًا وَلَا حَسَنًا عَلَى مَا نَقَلَهُ مِيرَكُ عَنْهُ ; لِأَنَّ تَعَدُّدَ الطُّرُقِ يُورِثُ الْحَدِيثَ حُسْنًا، وَلَوْ كَانَ لِغَيْرِهِ عَلَى مَا هُوَ مُقَرَّرٌ فِي مَحَلِّهِ مَعَ أَنَّ السَّلَفَ لَمْ يُفَرِّقُوا بَيْنَ النَّرْدِ وَالشِّطْرَنْجِ مِنْ حَيْثُ إِنَّ كُلًّا مِنْهُمَا مَعْدُودٌ مِنَ الْمَيْسِرِ الْمَنْهِيِّ عَنْهُ فِي الْقُرْآنِ، فَاشْتِرَاطُ الْقِمَارِ فِي الشِّطْرَنْجِ دُونَ النَّرْدِ مِنْ أَيْنَ يُعْلَمُ، وَاللَّهُ أَعْلَمُ. (رَوَى الْبَيْهَقِيُّ الْأَحَادِيثَ الْأَرْبَعَةَ فِي شُعَبِ الْإِيمَانِ) .