وَفِي الْقَامُوسِ: الْقِرَامُ كَكِتَابِ السِّتْرِ الْأَحْمَرِ، أَوْ ثَوْبٌ مُلَوَّنٌ مِنْ صُوفٍ فِيهِ رَقْمٌ وَنُقُوشٌ أَوْ سِتْرٌ رَقِيقٌ، وَنَقَلَ الطِّيبِيُّ عَنِ النِّهَايَةِ: أَنَّهُ هُوَ السِّتْرُ الرَّقِيقُ، وَقِيلَ: الصَّفِيقُ مِنْ صُوفٍ ذِي أَلْوَانٍ وَالْإِضَافَةُ فِيهِ كَقَوْلِهِ: ثَوْبُ قَمِيصٍ، وَقِيلَ: الْقِرَامُ السِّتْرُ الرَّقِيقُ وَرَاءَ السِّتْرِ الْغَلِيظِ، وَلِذَلِكَ أَضَافَ (وَكَانَ فِي الْبَيْتِ كَلْبٌ) : أَيْ أَيْضًا (فَمُرْ بِرَأْسِ التِّمْثَالِ) : أَيِ (الَّذِي عَلَى سِتْرِ بَابِ الْبَيْتِ) : أَيْ بِقَطْعِ رَأْسِهِ (فَيُقْطَعُ) : بِصِيغَةِ الْمَجْهُولِ مُخَفَّفًا، وَفِي نُسْخَةٍ بِالتَّشْدِيدِ وَهُوَ مَرْفُوعٌ، وَفِي نُسْخَةٍ صَحِيحَةٍ بِالنَّصْبِ، وَالضَّمِيرُ رَاجِعٌ إِلَى رَأْسِ التِّمْثَالِ.

قَالَ الطِّيبِيُّ فِي جَامِعِ الْأُصُولِ: وَأَكْثَرُ نُسَخِ الْمَصَابِيحِ بِالرَّفْعِ عَلَى أَنَّهُ خَبَرُ مُبْتَدَأٍ مَحْذُوفٍ، وَفِي بَعْضِهَا بِالنَّصْبِ عَلَى أَنَّهُ جَوَابُ الْأَمْرِ، فَإِنَّ أَمْرَ الشَّارِعِ سَبَبٌ لِلِامْتِثَالِ وَالْأَوَّلُ أَلْطَفُ مَعْنًى (فَيَصِيرُ) : بِالْوَجْهَيْنِ أَيْ يَرْجِعُ التِّمْثَالُ الْمُقْطَعُ رَأْسُهُ (كَهَيْئَةِ الشَّجَرَةِ) : إِنْ قُلْتَ مَا الْفَائِدَةُ فِي ذِكْرِ هَذَا ; قُلْتُ: الْإِعْلَامُ بِأَنَّ الْقَطْعَ لَيْسَ الْمُرَادُ بِهِ نَحْرُ مَوْضِعِ الرَّأْسِ مِنَ الْقِرَامِ، بَلْ فَصْلُهُ مِنْهُ، لِأَنَّهُ لَا يَصِيرُ كَهَيْئَةِ الشَّجَرِ إِلَّا إِذَا فُصِلَ مِنْهُ الرَّأْسُ، فَأَمَّا مَادَامَ الرَّأْسُ بَاقِيًا أَوْ مَمْحُوًّا فَلَا. كَذَا ذَكَرَهُ ابْنُ الْمَلَكِ، وَهُوَ خِلَافُ الْمَعْقُولِ وَالْمَنْقُولِ، أَمَّا الْأَوَّلُ فَلِأَنَّهُ إِذَا مُحِيَ الرَّأْسُ وَمَا بِهِ مِنْ صُورَةِ الْوَجْهِ الْمُتَمَيِّزِ بِهِ، فَلَا شَكَّ أَنَّهُ يَصِيرُ عَلَى هَيْئَةِ الشَّجَرَةِ وَهُوَ أَمْرٌ مُشَاهَدٌ، وَأَمَّا الثَّانِي ; فَلِأَنَّهُ خِلَافُ الْمَذْهَبِ، فَفِي فَتَاوَى قَاضِيخَانَ، يُكْرَهُ أَنْ يُصَلِّيَ وَبَيْنَ يَدَيْهِ أَوْ فَوْقَهُ أَوْ عَلَيْهِ، أَوْ يَسَارَهُ أَوْ ثَوْبَهُ تَصَاوِيرُ. وَفِي الْبِسَاطِ رِوَايَتَانِ، وَالصَّحِيحُ أَنَّهُ لَا يُكْرَهُ عَلَى الْبِسَاطِ إِذَا لَمْ يَسْجُدْ عَلَى التَّصَاوِيرِ. قَالَ: وَهَذَا إِذَا كَانَتِ الصُّورَةُ تَبْدُو لِلنَّاظِرِينَ مِنْ غَيْرِ تَكَلُّفٍ، فَإِنْ كَانَتْ صَغِيرَةً أَوْ مَمْحُوَّةَ الرَّأْسِ لَا بَأْسَ بِهِ، هَذَا وَفِي شَرْحِ السُّنَّةِ: فِيهِ دَلِيلٌ عَلَى أَنَّ الصُّورَةَ إِذَا غُيِّرَتْ هَيْئَتُهَا بِأَنْ قُطِعَتْ رَأْسُهَا أَوْ حُلَّتْ أَوْصَالُهَا حَتَّى لَمْ يَبْقَ مِنْهَا إِلَّا الْأَثَرُ عَلَى شِبْهِ الصُّوَرِ فَلَا بَأْسَ بِهِ، وَعَلَى أَنَّ مَوْضِعَ التَّصْوِيرِ إِذَا نَقَضَ حَتَّى تَنْقَطِعَ أَوْصَالُهُ جَازَ اسْتِعْمَالُهُ.

قُلْتُ: وَفِيهِ إِشَارَةٌ لَطِيفَةٌ إِلَى جَوَازِ تَصْوِيرِ نَحْوَ الْأَشْجَارِ مِمَّا لَا حَيَاةَ فِيهِ كَمَا ذَهَبَ إِلَيْهِ الْجُمْهُورُ، وَإِنْ كَانَ قَدْ يُفَرَّقُ بَيْنَ مَا يَصِيرُ مَآلًا وَانْتِهَاءً، وَبَيْنَ مَا يُقْصَدُ تَصْوِيرُهُ ابْتِدَاءً وَاللَّهُ أَعْلَمُ. (وَمُرْ بِالسِّتْرِ فَلْيُقْطَعْ، فَلْيُجْعَلْ وِسَادَتَيْنِ مَنْبُوذَتَيْنِ) : أَيْ مَطْرُوحَتَيْنِ مَفْرُوشَتَيْنِ (تُوطَآنِ) : بِصِيغَةِ الْمَجْهُولِ أَيْ تُهَانَانِ بِالْوَطْءِ عَلَيْهِمَا، وَالْقُعُودِ فَوْقَهُمَا، وَالِاسْتِنَادِ إِلَيْهِمَا، وَأَصْلُ الْوَطْءِ الضَّرْبُ بِالرِّجْلِ، وَالْمُرَادُ بِقَطْعِ السِّتْرِ التَّوَصُّلُ إِلَى جَعْلِهِ وِسَادَتَيْنِ، كَمَا هُوَ ظَاهِرٌ مِنَ الْحَدِيثِ، يُفِيدُ فِي جَوَازِ اسْتِعْمَالِ مَا فِيهِ الصُّورَةُ بِنَحْوِ: الْوِسَادَةُ وَالْفِرَاشُ وَالْبِسَاطُ.

وَقِيلَ: الْمُرَادُ بِقَطْعِهِ أَنْ لَا يَبْقَى مَوْضِعَ مِنَ الصُّورَةِ بَاقِيًا، وَهُوَ مَعَ بُعْدِهِ تَتَوَقَّفُ صِحَّتُهُ عَلَى قِلَّةِ التَّصَاوِيرِ فِيهِ، وَيُمْكِنُ أَنْ يُرَادَ بِالسِّتْرِ جِنْسُ السِّتْرِ الشَّامِلِ لِمَا عَلَى الْبَابِ، وَلِمَا فِي الْبَيْتِ، وَالْمُرَادُ بِالْقَطْعِ الْفَصْلُ لِلتَّسْوِيَةِ، ثُمَّ الْوَصْلُ بِالْخِيَاطَةِ، ثُمَّ جَعْلَهُمَا وِسَادَتَيْنِ. (وَمُرْ بِالْكَلْبِ فَيُخْرَجْ) : بِصِيغَةِ الْمَجْهُولِ، وَفِي نُسْخَةٍ فَلْيَخْرُجْ (فَفَعَلَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: أَيْ جَمِيعُ مَا ذَكَرَ أَوْ نَزَّلَ الْفِعْلَ مَنْزِلَةَ اللَّازِمِ أَيِ امْتَثَلَ، وَاللَّهُ أَعْلَمُ. (رَوَاهُ التِّرْمِذِيُّ، وَأَبُو دَاوُدَ) .

طور بواسطة نورين ميديا © 2015