4458 - وَعَنْ عَمْرِو بْنِ شُعَيْبٍ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ جَدِّهِ، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: " «لَا تَنْتِفُوا الشَّيْبَ ; فَإِنَّهُ نُورُ الْمُسْلِمِ. مَنْ شَابَ شَيْبَةً فِي الْإِسْلَامِ كَتَبَ اللَّهُ لَهُ بِهَا حَسَنَةً، وَكَفَّرَ عَنْهُ بِهَا خَطِيئَةً، وَرَفَعَهُ بِهَا دَرَجَةً» ". رَوَاهُ أَبُو دَاوُدَ.

ـــــــــــــــــــــــــــــ

4458 - (وَعَنْ عَمْرِو بْنِ شُعَيْبٍ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ جَدِّهِ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: لَا تَنْتِفُوا) : بِكَسْرِ التَّاءِ الثَّانِيَةِ (الشَّيْبَ) : أَيِ الشَّعْرَ الْأَبْيَضَ (فَإِنَّهُ نُورُ الْمُسْلِمِ) : الْإِضَافَةُ لِلِاخْتِصَاصِ، أَيْ وَقَارُهُ الْمَانِعُ مِنَ الْغُرُورِ بِسَبَبِ انْكِسَارِ النَّفْسِ عَنِ الشَّهَوَاتِ وَالْفُتُورِ، وَهُوَ الْمُؤَدِّي إِلَى نُورِ الْأَعْمَالِ الصَّالِحَةِ فَيَصِيرُ نُورًا فِي قَبْرِهِ، وَيَسْعَى بَيْنَ يَدَيْهِ فِي ظُلُمَاتِ حَشْرِهِ، وَلَا يُنَافِيهِ التَّغْيِيرُ السَّابِقُ لِإِرْغَامِ الْأَعْدَاءِ وَإِظْهَارِ الْجَلَّادَةِ لَهُمْ كَيْلَا يَظُنُّوا بِهِمُ الضَّعْفَ فِي سِنِّهِمْ، وَالْقَدْحَ فِي شَجَاعَتِهِمْ وَطَعْنِهِمْ (مَنْ شَابَ شَيْبَةً) : أَيْ شَعْرَةً وَاحِدَةً بَيْضَاءَ (فِي الْإِسْلَامِ كَتَبَ اللَّهُ لَهُ بِهَا حَسَنَةً، وَكَفَّرَ عَنْهُ بِهَا خَطِيئَةً، وَرَفَعَهُ بِهَا دَرَجَةً. رَوَاهُ أَبُو دَاوُدَ) .

وَرَوَى مَالِكٌ عَنْ سَعِيدِ بْنِ الْمُسَيَّبِ: أَنَّ أَوَّلَ مَنْ شَابَ مِنْ بَنِي آدَمَ إِبْرَاهِيمُ - عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ - فَلَمَّا رَأَى الشَّيْبَ فِي لِحْيَتِهِ قَالَ: مَا هَذَا يَا رَبِّ؟ قَالَ: هَذَا وَقَارٌ. قَالَ: رَبِّ زِدْنِي وَقَارًا. فَإِنْ قُلْتَ: لِمَ قَلَّ هَذَا الْوَقَارُ الصُّورِيُّ فِي الشَّعْرِ الْمُصْطَفَوِيِّ؟ قُلْتُ: لِأَنَّهُ كَانَ مُولَعًا بِحُبِّ النِّسَاءِ، وَهُنَّ يَكْرَهْنَ الشَّيْبَ بِالصَّبْغِ، فَحُفِظْنَ بِهَذَا عَنِ الْكَرَاهَةِ الطَّبِيعِيَّةِ. وَاللَّهُ أَعْلَمُ بِأَسْرَارِ النُّبُوَّةِ.

وَأَخْرَجَ الْحَاكِمُ وَابْنُ سَعْدٍ مِنْ حَدِيثِ عَائِشَةَ قَالَتْ: مَا شَانَهُ اللَّهُ بِبَيْضَاءَ، وَفِيهِ إِشْكَالٌ ; لِمَا سَبَقَ أَنَّهُ شَابَ بَعْضَ الشَّيْبِ، فَيُحْمَلُ عَلَى أَنَّ تِلْكَ الشَّعَرَاتِ الْبِيضَ لَمْ تُغَيِّرْ شَيْئًا مِنْ حُسْنِهِ، بَلْ زَادَتْ جَمَالًا وَكَمَالًا لِحُصُولِ الْوَقَارِ مَعَ نُورِ الْأَنْوَارِ، فَصَارَ نُورًا عَلَى نُورٍ، وَسُرُورًا عَلَى سُرُورٍ. قَالَ مِيرَكُ: نَتْفُ الشَّيْبِ يُكْرَهُ عِنْدَ أَكْثَرِ الْعُلَمَاءِ، لِحَدِيثِ عَمْرِو بْنِ شُعَيْبٍ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ جَدِّهِ مَرْفُوعًا " «لَا تَنْتِفُوا الشَّيْبَ» ; فَإِنَّهُ نُورُ الْمُسْلِمِ " رَوَاهُ الْأَرْبَعَةُ. وَقَالَ التِّرْمِذِيُّ: حَسَنٌ. وَرَوَى مُسْلِمٌ مِنْ طَرِيقِ قَتَادَةَ عَنْ أَنَسٍ قَالَ: كَانَ يُكْرَهُ نَتْفُ الرَّجُلِ الشَّعْرَةَ الْبَيْضَاءَ مِنْ رَأْسِهِ وَلِحْيَتِهِ. قَالَ بَعْضُ الْعُلَمَاءِ: لَا يُكْرَهُ نَتْفُ الشَّيْبِ إِلَّا عَلَى وَجْهِ التَّزَيُّنِ. وَقَالَ ابْنُ الْعَرَبِيِّ: وَإِنَّمَا نَهَى عَنِ النَّتْفِ دُونَ الْخَضْبِ ; لِأَنَّ فِيهِ تَغْيِيرَ الْخِلْقَةِ مِنْ أَصْلِهَا بِخِلَافِ الْخَضْبِ، فَإِنَّهُ لَا يُغَيِّرُ الْخِلْقَةَ عَلَى النَّاظِرِ إِلَيْهِ، وَاللَّهُ الْمُوَفِّقُ.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015