4336 - وَعَنْ مُعَاوِيَةَ بْنِ قُرَّةَ، عَنْ أَبِيهِ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - قَالَ: «أَتَيْتُ النَّبِيَّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فِي رَهْطٍ مِنْ مُزَيْنَةَ، فَبَايَعُوهُ وَإِنَّهُ لَمُطْلَقُ الْأَزْرَارِ، فَأَدْخَلْتُ يَدِي فِي جَيْبِ قَمِيصِهِ، فَمَسِسْتُ الْخَاتَمَ» . رَوَاهُ أَبُو دَاوُدَ.

ـــــــــــــــــــــــــــــ

4336 - (وَعَنْ مُعَاوِيَةَ بْنِ قُرَّةَ) : بِضَمِّ قَافٍ وَتَشْدِيدِ رَاءٍ، قَالَ الْمُؤَلِّفُ فِي فَصْلِ التَّابِعِينَ: يُكَنَّى أَبَا إِيَاسٍ الْبَصْرِيِّ، سَمِعَ أَبَاهُ وَأَنَسَ بْنَ مَالِكٍ وَعَبْدَ اللَّهِ بْنَ مُغَفَّلٍ، وَرَوَى عَنْهُ قَتَادَةُ وَشُعْبَةُ وَالْأَعْمَشُ (عَنْ أَبِيهِ) : أَيْ قُرَّةَ بْنِ إِيَاسٍ الْمُزَنِيِّ، سَكَنَ الْبَصْرَةَ لَمْ يَرْوِ عَنْهُ غَيْرُ ابْنِهِ مُعَاوِيَةَ، قَتَلَهُ الْأَزَارِقَةُ، ذَكَرَهُ الْمُؤَلِّفُ فِي فَصْلِ التَّابِعِينَ. (قَالَ: أَتَيْتُ النَّبِيَّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فِي رَهْطٍ) : أَيْ مَعَ طَائِفَةٍ (مِنْ مُزَيْنَةَ) : بِالتَّصْغِيرِ قَبِيلَةٌ مَعْرُوفَةٌ مِنْ مُضَرَ، وَالْجَارُّ صِفَةٌ لِرَهْطٍ وَهُوَ بِسُكُونِ الْهَاءِ وَيُحَرَّكُ، قَوْمُ الرَّجُلِ وَقَبِيلَتُهُ، أَوْ مِنْ ثَلَاثَةٍ إِلَى عَشَرَةٍ، كَذَا فِي الْقَامُوسِ، وَقِيلَ: إِلَى الْأَرْبَعِينَ عَلَى مَا فِي النِّهَايَةِ، وَلَا يُنَافِيهِ مَا رُوِيَ أَنَّهُ جَاءَ جَمَاعَةٌ مِنْ مُزَيْنَةَ، وَهُمْ أَرْبَعُمِائَةِ رَاكِبٍ وَأَسْلَمُوا ; لِأَنَّهُ يُحْتَمَلُ أَنْ يَكُونَ مَجِيئُهُمْ رَهْطًا رَهْطًا، أَوْ لِأَنَّهُ مَبْنِيٌّ عَلَى أَنَّهُ يُطْلَقُ عَلَى مُطْلَقِ الْقَوْمِ كَمَا قَدَّمَهُ فِي الْقَامُوسِ، وَ " فِي " تَأْتِي بِمَعْنَى " مَعَ " كَمَا فِي قَوْلِهِ تَعَالَى: {ادْخُلُوا فِي أُمَمٍ} [الأعراف: 38] ، (فَبَايَعُوهُ) : أَيِ الرَّهْطُ وَهُوَ مَعَهُمْ (وَإِنَّهُ) : بِكَسْرِ الْهَمْزَةِ وَالْوَاوِ لِلْحَالِ أَيْ وَالْحَالُ أَنَّهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - (لَمُطْلَقُ الْأَزْرَارِ) : أَيْ مَحْلُولُهَا أَوْ مَتْرُوكُهَا مُرَكَّبَةً، وَالْأَزْرَارُ جَمْعُ زِرِّ الْقَمِيصِ. قَالَ مِيرَكُ: أَيْ غَيْرُ مَشْدُودِ الْأَزْرَارِ، وَقَالَ الْعَسْقَلَانِيُّ: أَيْ غَيْرُ مَزْرُورٍ، وَلَعَلَّ هَذَا مَبْنِيٌّ عَلَى مَا فِي الشَّمَائِلِ عَنْ قُرَّةَ قَالَ: أَتَيْتُ رَسُولَ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فِي رَهْطٍ مِنْ مُزَيْنَةَ لِنُبَايِعَهُ، وَإِنَّ قَمِيصَهُ لَمُطْلَقٌ أَوْ غَيْرُ مُرَكَّبَةٍ بِزِرَارٍ، وَقَالَ: زِرُّ قَمِيصِهِ مُطْلَقٌ أَيْ غَيْرُ مَرْبُوطٍ، وَالشَّكُّ مِنْ شَيْخِ التِّرْمِذِيِّ. زَادَ ابْنُ مَاجَهْ وَابْنُ سَعْدٍ قَالَ عُرْوَةُ: فَمَا رَأَيْتُ مُعَاوِيَةَ وَلَا أَبَاهُ إِلَّا مُطْلَقَ الْأَزْرَارِ فِي شِتَاءٍ وَلَا خَرِيفٍ، وَلَا يَزِرَّانِ أَزْرَارَهُمَا. هَذَا وَفِي نُسَخِ الْمِشْكَاةِ جَمِيعِهَا بِالرَّاءَيْنِ، وَفِي بَعْضِ نُسَخِ الْمَصَابِيحِ وَأَنَّهُ لَمُطْلَقُ الْأَزْرَارِ، قَالَ الشَّيْخُ الْجَزَرِيُّ: كَذَا وَقَعَ فِي أُصُولِنَا وَرِوَايَتِنَا الْأُزُرُ بِغَيْرِ رَاءٍ بَعْدَ الزَّايِ، وَهُوَ جَمْعُ الْإِزَارِ الَّذِي يُرَادُ بِهِ الثَّوْبُ، وَوَقَعَ فِي بَعْضِ نُسَخِ الْمَصَابِيحِ أَوْ أَكْثَرِهَا الْأَزْرَارُ جَمْعُ زِرٍّ بِكَسْرِ الزَّايِ وَشَدِّ الرَّاءِ، وَهُوَ خَرِيزَةُ الْجَيْبِ، وَبِهِ شَرَحَ شُرَّاحُهُ، وَجَيْبُ الْقَمِيصِ طَوْقُهُ الَّذِي يُخْرِجُ مِنْهُ الرَّأْسَ، وَعَادَةُ الْعَرَبِ أَنْ يَجْعَلُوهُ وَاسِعًا وَلَا يَزِرُّونَهُ، فَتَعَيَّنَ أَنْ يَكُونَ الْأَزْرَارَ لَا غَيْرُ كَمَا فِي الرِّوَايَةِ الْمَشْهُورَةِ اهـ.

قَالَ مِيرَكُ: وَقَدْ أَخْرَجَ الْبَيْهَقِيُّ فِي شُعَبِهِ هَذَا الْحَدِيثَ مِنْ طَرِيقِ أَبِي دَاوُدَ بِلَفْظِ: " وَإِنَّ قَمِيصَهُ لَمُطْلَقٌ "، وَمِنْ طَرِيقٍ أُخْرَى: " فَرَأَيْتُهُ مُطْلَقَ الْقَمِيصِ "، وَهَذَا يُؤَيِّدُ أَنْ تَكُونَ رِوَايَةُ الْأَزْرَارِ بِرَائِينِ وَلَا يَلْزَمُ أَنْ يَكُونَ لَهُ زِرٌّ وَعُرْوَةٌ، بَلِ الْمُرَادُ أَنَّ جَيْبَ قَمِيصِهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - كَانَ مَفْتُوحًا بِحَيْثُ يُمْكِنُ أَنْ يُدْخِلَ فِيهِ الْيَدَ مِنْ غَيْرِ كُلْفَةٍ، وَيُؤَيِّدُ هَذَا مَا ذَكَرَهُ ابْنُ الْجَوْزِيِّ فِي الْوَفَاءِ عَنِ ابْنِ عُمَرَ أَنَّهُ قَالَ: مَا اتَّخَذَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قَمِيصًا لَهُ زِرٌّ، وَقَالَ ابْنُ حَجَرٍ تَبَعًا لِلْعِصَامِ: فِيهِ حِلُّ لُبْسِ الْقَمِيصِ وَحِلُّ الزِّرِّ فِيهِ وَحِلُّ إِطْلَاقِهِ، وَأَنَّ طَوْقَهُ كَانَ مَفْتُوحًا بِالطُّولِ ; لِأَنَّهُ الَّذِي يُتَّخَذُ لَهُ الْأَزْرَارُ عَادَةً اهـ. وَفِي الْأَخِيرِ نَظَرٌ ظَاهِرٌ ; لِأَنَّ الْعَادَاتِ مُخْتَلِفَةٌ زَمَانًا وَمَكَانًا، وَفِي الْأَوَّلِ أَيْضًا بَحْثٌ لِأَنَّ مُقْتَضَى كَوْنِهِ أَحَبَّ أَنْ يُسْتَحَبَّ وَحُكْمُ مَا بَيْنَهُمَا عُلِمَ مِمَّا تَقَدَّمَ وَاللَّهُ أَعْلَمُ. (فَأَدْخَلْتُ يَدِي) : بِصِيغَةِ الْإِفْرَادِ (فِي جَيْبِ قَمِيصِهِ) : قَالَ السُّيُوطِيُّ: فِيهِ أَنَّ جَيْبَهُ كَانَ عَلَى الصَّدْرِ كَمَا هُوَ الْمُعْتَادُ الْآنَ، فَظَنَّ مَنْ لَا عِلْمَ عِنْدَهُ أَنَّهُ بِدْعَةٌ، وَلَيْسَ كَمَا ظَنَّ اهـ.

وَاعْلَمْ أَنَّ الْجَيْبَ بِفَتْحِ الْجِيمِ وَسُكُونِ التَّحْتِيَّةِ بَعْدَهَا مُوَحَّدَةٌ مَا يُقْطَعُ مِنَ الثَّوْبِ لِيُخْرِجَ الرَّأْسَ أَوِ الْيَدَ أَوْ غَيْرَ ذَلِكَ، يُقَالُ: جَابَ الْقَمِيصَ يَجُوبُهُ وَيَجِيبُهُ أَيْ قَدَّرَ جَيْبَهُ، وَجَيَّبَهُ أَيْ جَعَلَ لَهُ جَيْبًا، وَأَصْلُ الْجَيْبِ الْقَطْعُ وَالْخَرْقُ، وَيُطْلَقُ عَلَى مَا يُجْعَلُ فِي صَدْرِ الثَّوْبِ لِيُوضَعَ فِيهِ الشَّيْءُ، وَبِذَلِكَ فَسَّرَهُ أَبُو عُبَيْدٍ، لَكِنَّ الْمُرَادَ مِنَ الْجَيْبِ فِي هَذَا الْحَدِيثِ طَرَفُهُ الَّذِي يُحِيطُ بِالْعُنُقِ. قَالَ الْإِسْمَاعِيلِيُّ: جَيْبُ الثَّوْبِ أَيْ جَعَلَهُ فِيهِ ثُقْبًا يُخْرِجُ مِنْهُ الرَّأْسَ. قَالَ الْعَسْقَلَانِيُّ: قَوْلُهُ: فَأَدْخَلْتُ يَدِي. . إِلَخْ يَقْتَضِي أَنَّ جَيْبَ قَمِيصِهِ كَانَ فِي صَدْرِهِ لِمَا فِي صَدْرِ الْحَدِيثِ أَنَّهُ رُؤِيَ مُطْلَقَ الْقَمِيصِ أَيْ غَيْرَ مَزْرُورٍ وَاللَّهُ أَعْلَمُ. (فَمَسِسْتُ) : بِكَسْرِ السِّينِ الْأُولَى وَيُفْتَحُ، وَالْأُولَى هِيَ اللُّغَةُ الْفَصِيحَةُ، وَمِنْهُ قَوْلُهُ تَعَالَى: {لَا يَمَسُّهُ إِلَّا الْمُطَهَّرُونَ} [الواقعة: 79] أَيْ لَمَسْتُ (الْخَاتَمَ) : بِفَتْحِ التَّاءِ، وَيُكْسَرُ أَيْ خَاتَمُ النُّبُوَّةِ، وَسَيَأْتِي الْكَلَامُ عَلَيْهِ (رَوَاهُ أَبُو دَاوُدَ) ، وَكَذَا التِّرْمِذِيُّ فِي الشَّمَائِلِ، وَابْنُ مَاجَهْ، وَابْنُ أَبِي شَيْبَةَ، وَابْنُ سَعْدٍ.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015