تُغَطِّي الرَّأْسَ (بُطْحًا) : بِضَمِّ الْوَحْدَةِ فَسُكُونِ الْمُهْمَلَةِ جَمْعُ بَطْحَاءَ أَيْ كَانَتْ مَبْسُوطَةً عَلَى رُءُوسِهِمْ لَازِقَةً غَيْرَ مُرْتَفِعَةٍ عَنْهَا قِيلَ: هِيَ جَمْعُ كُمٍّ بِالضَّمِّ كَقِفَافٍ وَقُفَّةٍ ; لِأَنَّهُمْ قَلَّمَا كَانُوا يَلْبَسُونَ الْقَلَنْسُوَةَ وَمَعْنَى بُطْحًا حِينَئِذٍ أَنَّهَا كَانَتْ عَرِيضَةً وَاسِعَةً، فَهُوَ جَمْعُ أَبْطَحَ مِنْ قَوْلِهِمْ لِلْأَرْضِ الْمُتَّسِعَةِ بَطْحَاءُ، وَالْمُرَادُ أَنَّهَا مَا كَانَتْ ضَيِّقَةً رُومِيَّةً أَوْ هِنْدِيَّةً، بَلْ كَانَ وُسْعُهَا مِقْدَارَ شِبْرٍ كَمَا سَبَقَ، قَالَ الطِّيبِيُّ: فِيهِ أَنَّ انْتِصَابَ الْقَلَنْسُوَةِ مِنَ السُّنَّةِ بِمَعْزِلٍ كَمَا يَفْعَلُهُ الْفَسَقَةُ. قُلْتُ: وَالْآنَ صَارَ شِعَارَ الْمَشَايِخِ مِنَ الْيَمَنِ، ثُمَّ قَوْلُهُ: بُطْحًا بِالنَّصْبِ فِي الْأُصُولِ الْمُعْتَمَدَةِ وَالنُّسَخِ الْمُصَحَّحَةِ وَفِي بَعْضِ النُّسَخِ بُطْحٌ بِالرَّفْعِ، قِيلَ: فِي كِتَابِ التِّرْمِذِيِّ بِالرَّفْعِ، لَكِنْ فِي جَامِعِ الْأُصُولِ بِالنَّصْبِ وَهُوَ الظَّاهِرُ، قَالَ التُّورِبِشْتِيُّ: أَصْحَابُ الْحَدِيثِ رَوَوْهُ بِغَيْرِ أَلِفٍ، وَكَذَا لَفَظُ الْمَصَابِيحُ بِغَيْرِ أَلِفِ التَّنْوِينِ وَهُوَ خَطَأٌ، فَلَعَلَّ بَعْضَهُمْ رَوَاهُ فِي كِتَابِهِ كَذَلِكَ، فَاتَّبَعَ الرُّوَاةُ رَسْمَ خَطِّهِ، وَهَذَا دَأْبُهُمْ لَا يَتَخَطَّوْنَ لَفْظَ الْمَرْوِيِّ عَنْهُ، وَإِنْ كَانَ خَطَأً قَالَ الطِّيبِيُّ: إِذَا صَحَّتِ الرِّوَايَةُ، فَلَا يَكُونُ لِلطَّعْنِ مَجَالٌ، فَعَلَى الْمَرْءِ أَنْ يُوَجِّهَ الْكَلَامَ، فَيُحْتَمَلُ أَنْ يَكُونَ فِي " كَانَ " ضَمِيرُ الشَّأْنِ، وَالْجُمْلَةُ خَبَرُهُ مُبَيِّنٌ لِلِاسْمِ، أَوْ يَكُونُ قَوْلُهُ: بُطْحٌ خَبَرُ مُبْتَدَأٍ مَحْذُوفٍ يَعْنِي هِيَ بُطْحٌ، وَالْجُمْلَةُ خَبَرُ كَانَ: قَالَ: نَعَمِ الرِّوَايَةُ بِالنَّصْبِ أَظْهَرُ (رَوَاهُ التِّرْمِذِيُّ، وَقَالَ: هَذَا حَدِيثٌ مُنْكَرُ) : وَرَوَى الطَّبَرَانِيُّ «عَنِ ابْنِ عُمَرَ مَرْفُوعًا: كَانَ يَلْبَسُ قَلَنْسُوَةً بَيْضَاءَ» . وَرَوَى الرُّويَانِيُّ، وَابْنُ عَسَاكِرَ بِسَنَدٍ ضَعِيفٍ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ: «أَنَّهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - كَانَ يَلْبَسُ الْقَلَانِسَ تَحْتَ الْعَمَائِمِ وَبِغَيْرِ الْعَمَائِمِ، وَيَلْبَسُ الْعَمَائِمَ بِغَيْرِ قَلَانِسَ، وَكَانَ يَلْبَسُ الْقَلَانِسَ الْيَمَانِيَةَ، وَهُنَّ الْبِيضُ الْمُضَرِيَّةُ، وَيَلْبَسُ ذَوَاتَ الْآذَانِ فِي الْحَرْبِ، وَكَانَ رُبَّمَا نَزَعَ قَلَنْسُوَتَهُ فَجَعَلَهَا سُتْرَةً بَيْنَ يَدَيْهِ وَهُوَ يُصَلِّي، وَكَانَ مِنْ خُلُقِهِ أَنْ يُسَمِّي سِلَاحَهُ وَدَوَابَّهُ وَمَتَاعَهُ» ، كَذَا فِي الْجَامِعِ الصَّغِيرِ لِلسُّيُوطِيِّ.