الَّذِي لَهُ كُمَّانِ وَجَيْبٌ، هَذَا وَقَدْ قَالَ مِيرَكُ قِي شَرْحِ الشَّمَائِلِ: نَصْبُ الْقَمِيصِ هُوَ الْمَشْهُورُ فِي الرِّوَايَةِ، وَيَجُوزُ أَنْ يَكُونَ الْقَمِيصُ مَرْفُوعًا بِالِاسْمِيَّةِ، وَأَحَبَّ مَنْصُوبًا بِالْخَبَرِيَّةِ، وَنَقَلَ غَيْرُهُ مِنَ الشُّرَّاحِ أَنَّهُمَا رِوَايَتَانِ. قَالَ الْحَنَفِيُّ: وَالسِّرُّ فِيهِ أَنَّهُ إِنْ كَانَ الْمَقْصُودُ تَعْيِينَ الْأَحَبِّ، فَالْقَمِيصُ خَبَرُهُ، وَإِنْ كَانَ الْمَقْصُودُ بَيَانَ حَالِ الْقَمِيصِ عِنْدَهُ - عَلَيْهِ السَّلَامُ - فَهُوَ اسْمُهُ، وَرَجَّحَهُ الْعِصَامُ بِأَنَّ أَحَبَّ وَصْفٌ، فَهُوَ أَوْلَى بِكَوْنِهِ حُكْمًا، وَأَمَّا تَرْجِيحُهُ بِأَنَّهُ أَنْسَبُ بِالْبَابِ لِأَنَّهُ مُنْعَقِدٌ لِإِثْبَاتِ أَحْوَالِ اللِّبَاسِ، فَجَعَلَ الْقَمِيصَ مَوْضُوعًا، وَإِثْبَاتُ الْحَالِ لَهُ أَنْسَبُ مِنَ الْعَكْسِ، فَلَيْسَ بِذَاكَ ; لِأَنَّ أُمَّ سَلَمَةَ لَمْ تَذْكُرِ الْحَدِيثَ فِي الْبَابِ الْمُنْعَقِدِ لِلِّبَاسِ، ثُمَّ الْمَذْكُورُ فِي الْمُغْرِبِ أَنَّ الثَّوْبَ مَا يَلْبَسُهُ النَّاسُ مِنَ الْكَتَّانِ وَالْقُطْنِ وَالصُّوفِ وَالْخَزِّ وَالْفِرَاءِ، وَأَمَّا السُّتُورُ فَلَيْسَ مِنَ الثِّيَابِ وَالْقَمِيصِ عَلَى مَا ذَكَرَهُ الْجَزَرِيُّ وَغَيْرُهُ ثَوْبٌ مَخِيطٌ بِكُمَّيْنِ غَيْرُ مُفَرَّجٍ يُلْبَسُ تَحْتَ الثِّيَابِ. وَفِي الْقَامُوسِ: الْقَمِيصُ مَعْلُومٌ، وَقَدْ يُؤَنَّثُ وَلَا يَكُونُ إِلَّا مِنَ الْقُطْنِ، وَأَمَّا الصُّوفُ فَلَا اهـ. وَلَعَلَّ حَصْرَهُ الْمَذْكُورَ لِلْغَالِبِ فِي الِاسْتِعْمَالِ، لَكِنَّ الظَّاهِرَ أَنَّ كَوْنَهُ مِنَ الْقُطْنِ مُرَادًا هُنَا؛ لِأَنَّ الصُّوفَ يُؤْذِي الْبَدَنَ وَيُدِرُّ الْعَرَقَ، وَرَائِحَتُهُ يُتَأَذَّى بِهَا، وَقَدْ أَخْرَجَ الدِّمْيَاطِيُّ: «كَانَ قَمِيصُ رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قُطْنًا قَصِيرَ الطُّولِ وَالْكُمَّيْنِ» ، ثُمَّ قِيلَ وَجْهُ أَحَبِّيَّةِ الْقَمِيصِ إِلَيْهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - أَنَّهُ أَسْتَرُ لِلْأَعْضَاءِ مِنَ الْإِزَارِ وَالرِّدَاءِ ; لِأَنَّهُ أَقَلُّ مُؤْنَةً وَأَخَفُّ عَلَى الْبَدَنِ وَلَابِسُهُ أَكْثَرُ تَوَاضُعًا. (رَوَاهُ التِّرْمِذِيُّ) : أَيْ بِطُرُقٍ مُتَعَدِّدَةٍ (وَأَبُو دَاوُدَ) . وَكَذَا الْحَاكِمُ.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015