لِأَنَّهُ إِذَا لَمْ يَحْتَجْ إِلَيْهِ كَانَ مَبِيتُهُ وَمَقِيلُهُ عَلَيْهِ وَهُوَ الْأَوْلَى، فَإِنَّهُ مَعَ إِمْكَانِ الْحَقِيقَةِ لَا وَجْهَ لِلْعُدُولِ إِلَى الْمَجَازِ، وَكَانَ الْإِمَامُ النَّوَوِيُّ غَفَلَ عَنْ هَذَا الْمَعْنَى وَاخْتَارَ الْأَوَّلَ هُنَا ; فَقَالَ: أَيْ أَنَّ مَا زَادَ عَلَى الْحَاجَةِ وَاتِّخَاذٍ لِلْمُبَاهَاةِ وَالِاخْتِيَالِ وَالْإِلْهَاءِ بِزِينَةِ الدُّنْيَا، وَمَا كَانَ بِهَذِهِ الصِّفَةِ فَهُوَ مَذْمُومٌ، وَكُلُّ مَذْمُومٍ يُضَافُ إِلَى الشَّيْطَانِ لِأَنَّهُ يَرْتَضِيهِ، وَأَمَّا تَعْدِيدُ الْفِرَاشِ لِلزَّوْجِ فَلَا بَأْسَ بِهِ لِأَنَّهُ قَدْ يَحْتَاجُ كُلُّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا إِلَى فِرَاشٍ عِنْدَ الْمَرَضِ وَنَحْوِهُ. وَاسْتَدَلَّ بَعْضُهُمْ بِهَذَا أَنَّهُ يَلْزَمُهُ النَّوْمُ مَعَ امْرَأَتِهِ، وَأَنَّ لَهُ الِانْفِرَادَ عَنْهَا بِفِرَاشٍ وَهُوَ ضَعِيفٌ ; لِأَنَّ النَّوْمَ مِنَ الزَّوْجَةِ وَإِنْ كَانَ لَيْسَ بِوَاجِبٍ، لَكِنَّهُ مَعْلُومٌ بِدَلِيلٍ آخَرَ أَنَّ النَّوْمَ مَعَهَا بِغَيْرِ عُذْرٍ أَفْضَلُ: هُوَ ظَاهِرُ فِعْلِ رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -. قَالَ الطِّيبِيُّ: وَلِأَنَّ قِيَامَهُ مِنْ فِرَاشِهَا مَعَ مَيْلِ النَّفْسِ إِلَيْهَا مُتَوَجِّهًا إِلَى التَّهَجُّدِ أَصْعَبُ وَأَشَقُّ: وَمِنْ ثَمَّ وَرَدَ: " «عَجِبَ رَبُّنَا مِنَّ رَجُلَيْنِ، رَجُلٌ ثَارَ عَنْ وِطَائِهِ وَلِحَافِهِ مِنْ بَيْنِ حِبِّهِ وَأَهْلِهِ إِلَى صَلَاتِهِ، فَيَقُولُ اللَّهُ لِمَلَائِكَتِهِ: انْظُرُوا إِلَى عَبْدِي ثَارَ عَنْ فِرَاشِهِ وَوِطَائِهِ مِنْ بَيْنِ حِبِّهِ وَأَهْلِهِ إِلَى صَلَاتِهِ رَغْبَةً فِيمَا عِنْدِي وَشَفَقًا فِيمَا عِنْدِي» . " الْحَدِيثَ. قُلْتُ: لَا كَلَامَ فِي هَذَا، وَإِنَّمَا الْكَلَامُ فِي الِاسْتِدْلَالِ بِالْحَدِيثِ عَلَى بَيَانِ الْجَوَازِ وَعَدَمِ الْوُجُوبِ، وَهُوَ لَا يُنَافِي الْأَفْضَلِيَّةَ الْمُسْتَفَادَةَ مِنْ سَائِرِ أَقْوَالِهِ وَأَفْعَالِهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فَقَوْلُهُ ضَعِيفٌ غَيْرُ صَحِيحٍ. (رَوَاهُ مُسْلِمٌ) : وَكَذَا أَحْمَدُ: أَبُو دَاوُدَ: النَّسَائِيُّ.