الْفَصْلُ الْأَوَّلُ
4294 - عَنْ جَابِرٍ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «إِذَا كَانَ جِنْحُ اللَّيْلِ أَوْ أَمْسَيْتُمْ فَكُفُّوا صِبْيَانَكُمْ، فَإِنَّ الشَّيْطَانَ يَنْتَشِرُ حِينَئِذٍ، فَإِذَا ذَهَبَ سَاعَةً مِنَ اللَّيْلِ فَخَلَّوهُمْ وَأَغْلِقُوا الْأَبْوَابَ وَاذْكُرُوا اسْمَ اللَّهِ، فَإِنَّ الشَّيْطَانَ لَا يَفْتَحُ بَابًا مُغْلَقًا، وَأَوْكُوا قِرَبَكُمْ وَاذْكُرُوا اسْمَ اللَّهِ، وَخَمِّرُوا آنِيَتَكُمْ، وَاذْكُرُوا اسْمَ اللَّهِ، وَلَوْ أَنْ تَعْرِضُوا عَلَيْهِ شَيْئًا، وَأَطْفِئُوا مَصَابِيحَكُمْ» . مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ.
ـــــــــــــــــــــــــــــ
(5) بَابُ تَغْطِيَةِ الْأَوَانِي
وَفِي نُسْخَةٍ صَحِيحَةٍ زِيَادَةُ " وَغَيْرُهَا "، فَالضَّمِيرُ رَاجِعٌ إِلَى التَّغْطِيَةِ، اللَّهُمَّ إِلَّا أَنْ يَخُصَّ الْأَوَانِيَ بِأَوْعِيَةِ الْمَاءِ عَلَى مَا ذَكَرَهُ بَعْضُ الشُّرَّاحِ مِنْ أَنَّ الْأَوَانِيَ جَمْعُ كَثْرَةٍ لِلْإِنَاءِ وَهُوَ وِعَاءُ الْمَاءِ وَالْآنِيَةُ جَمْعُ قِلَّةٍ، وَفِي الْقَامُوسِ: الْإِنَاءُ مَعْرُوفٌ، وَالْمُرَادُ سَتْرُ الظُّرُوفِ كُلِّهَا، وَعَدَمُ تَكَشُّفِهَا لَا سِيَّمَا فِي اللَّيْلِ ; فَإِنَّهُ وَقْتُ انْتِشَارِ الْهَوَامِّ.
الْفَصْلُ الْأَوَّلُ
4294 - (عَنْ جَابِرٍ - رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُ - قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: إِذَا كَانَ جِنْحُ اللَّيْلِ) : بِكَسْرِ الْجِيمِ عَلَى الْمَشْهُورِ، وَقِيلَ: بِضَمِّهَا وَجَنَحَ اللَّيْلُ بِفَتْحِ النُّونِ أَقْبَلَ حَتَّى تَغِيبَ الشَّمْسُ، كَذَا فِي سِلَاحِ الْمُؤْمِنِ، وَفِي الْقَامُوسِ: الْجِنْحُ بِالْكَسْرِ مِنَ اللَّيْلِ الطَّائِفَةُ وَيُضَمُّ، وَقَالَ بَعْضُ شُرَّاحِ الْمَصَابِيحِ، وَتَبِعَهُ الطِّيبِيُّ: جَنْحُ اللَّيْلِ بِالْفَتْحِ وَالْكَسْرِ طَائِفَةٌ مِنْهُ، وَأَرَادَ بِهِ هُنَا الطَّائِفَةَ الْأُولَى، وَقِيلَ: ظُلْمَتُهُ وَظَلَامُهُ، وَقِيلَ: أَوَّلُهُ وَهُوَ الْمُرَادُ هُنَا، بِقَوْلِهِ: (أَوْ أَمْسَيْتُمْ) : شَكٌّ مِنَ الرَّاوِي (فَكُفُّوا صِبْيَانَكُمْ) : بِضَمِّ الْكَافِ وَتَشْدِيدِ الْفَاءِ أَيِ امْنَعُوهُمْ عَنِ التَّرَدُّدِ وَالْخُرُوجِ مِنَ الْبُيُوتِ فِي ذَلِكَ الْوَقْتِ (فَإِنَّ الشَّيْطَانَ) : أَيِ الْجِنَّ (يَنْتَشِرُ) : وَالْمُرَادُ بِهِ الْجِنْسُ، وَفِي رِوَايَةِ الْحِصْنِ: " فَإِنَّ الشَّيَاطِينَ تَنْتَشِرُ " أَيْ تَفْتَرِقُ وَتَنْبَثُّ وَتَخْتَطِفُ (حِينَئِذٍ، فَإِذَا ذَهَبَ سَاعَةٌ) : قَالَ مِيرَكُ: وَقَعَ عِنْدَ أَكْثَرِ رُوَاةِ الْبُخَارِيِّ " ذَهَبَتْ "، وَعِنْدَ الْكُشْمِيهَنِيِّ " ذَهَبَ "، وَكَأَنَّهُ ذَكَرَهُ بِاعْتِبَارِ الْوَقْتِ، أَوْ لِأَنَّ تَأْنِيثَ السَّاعَةِ غَيْرُ حَقِيقِيٍّ. (مِنَ اللَّيْلِ) : وَفِي رِوَايَةٍ: " مِنَ الْعِشَاءِ " (فَخَلُّوهُمْ) : أَيِ اتْرُكُوا صِبْيَانَكُمْ (وَأَغْلِقُوا الْأَبْوَابَ) : بِفَتْحِ الْهَمْزَةِ مِنَ الْإِغْلَاقِ. فَفِي الْقَامُوسِ: غَلَقَ الْبَابَ يَغْلِقُهُ لُثْغَةٌ أَوْ لُغَةٌ رَدِيئَةٌ فِي أَغْلَقَهُ.
(وَاذْكُرُوا اسْمَ اللَّهِ) : أَيْ حِينَ الْإِغْلَاقِ (فَإِنَّ الشَّيْطَانَ) : أَيْ جِنْسَهُ (لَا يَفْتَحُ بَابًا مُغْلَقًا) : أَيْ بَابًا أُغْلِقَ مَعَ ذِكْرِ اللَّهِ عَلَيْهِ، يُوَضِّحُهُ الْحَدِيثُ الْأَوَّلُ مِنَ الْفَصْلِ الثَّانِي فِي قَوْلِهِ: " «فَإِنَّ الشَّيْطَانَ لَا يَفْتَحُ بَابًا إِذَا أُجِيفَ وَذُكِرَ اسْمُ اللَّهِ عَلَيْهِ» "، كَذَا ذَكَرَهُ الطِّيبِيُّ، وَالْمَعْنَى أَنَّهُ لَا يَقْدِرُ عَلَى فَتْحِهِ لِأَنَّهُ غَيْرُ مَأْذُونٍ فِيهِ، بِخِلَافِ مَا إِذَا كَانَ مَفْتُوحًا أَوْ مُغْلَقًا، لَكِنْ لَمْ يُذْكَرِ اسْمُ اللَّهِ عَلَيْهِ.
قَالَ ابْنُ الْمَلَكِ: عَنْ بَعْضِ الْفُضَلَاءِ أَنَّ الْمُرَادَ بِالشَّيْطَانِ شَيْطَانُ الْإِنْسِ ; لِأَنَّ غَلْقَ الْأَبْوَابِ لَا يَمْنَعُ شَيَاطِينَ الْجِنِّ، وَفِيهِ نَظَرٌ لِأَنَّ الْمُرَادَ بِالْغَلْقِ الْغَلْقُ الْمَذْكُورُ فِيهِ اسْمُ اللَّهِ تَعَالَى، فَيَجُوزُ أَنْ يَكُونَ دُخُولُهُمْ مِنْ جَمِيعِ الْجِهَاتِ مَمْنُوعًا بِبَرَكَةِ التَّسْمِيَةِ، وَإِنَّمَا خَصَّ الْبَابَ بِالذِّكْرِ لِسُهُولَةِ الدُّخُولِ مِنْهُ، فَإِذَا مُنِعَ مِنْهُ كَانَ الْمَنْعُ مِنَ الْأَصْعَبِ بِالْأَوْلَى، ثُمَّ رَأَيْتُ فِي الْجَامِعِ الصَّغِيرِ بِرِوَايَةِ أَحْمَدَ عَنْ أَبِي أُمَامَةَ مَرْفُوعًا: " «أَجِيفُوا أَبْوَابَكُمْ وَأَكْفُوا آنِيَتَكُمْ وَأَوْكُوا أَسْقِيَتَكُمْ وَأَطْفِئُوا سُرُجَكُمْ ; فَإِنَّهُمْ لَمْ يُؤْذَنْ لَهُمْ بِالتَّسَوُّرِ عَلَيْكُمْ» " (وَأَوْكُوا) : بِفَتْحِ الْهَمْزَةِ وَضَمِّ الْكَافِ أَيْ شُدُّوا وَارْبُطُوا