4209 - وَعَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا - «أَنَّ النَّبِيَّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - خَرَجَ مِنَ الْخَلَاءِ، فَقُدِّمَ إِلَيْهِ طَعَامٌ، فَقَالُوا: أَلَا نَأْتِيكَ بِوَضُوءٍ؟ قَالَ: " إِنَّمَا أُمِرْتُ بِالْوُضُوءِ إِذَا قُمْتُ إِلَى الصَّلَاةِ» ". رَوَاهُ التِّرْمِذِيُّ، وَأَبُو دَاوُدَ، وَالنَّسَائِيُّ.

ـــــــــــــــــــــــــــــ

4209 - (وَعَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ - رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُمَا - «أَنَّ النَّبِيَّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - خَرَجَ مِنَ الْخَلَاءِ» ) : بِفَتْحِ الْخَاءِ مَمْدُودًا: الْمَكَانُ الْخَالِي، وَهُوَ هُنَا كِنَايَةٌ عَنْ مَوْضِعِ قَضَاءِ الْحَاجَةِ (فَقُدِّمَ إِلَيْهِ طَعَامٌ، فَقَالُوا) : أَيْ بَعْضُ الصَّحَابَةِ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمْ - (أَلَا نَأْتِيكَ بِوَضُوءٍ) : بِفَتْحِ الْوَاوِ أَيْ مَاءٍ يُتَوَضَّأُ بِهِ، وَمَعْنَى الِاسْتِفْهَامِ عَلَى الْعَرْضِ نَحْوَ: أَلَا تَنْزِلُ عِنْدَنَا؟ ، وَالْمَعْنَى أَلَا نَتَوَضَّأُ، كَمَا فِي رِوَايَةٍ ظَنًّا مِنْهُمْ أَنَّ الْوُضُوءَ وَاجِبٌ قَبْلَ الْأَكْلِ. (قَالَ: إِنَّمَا أُمِرْتُ) : أَيْ وُجُوبًا (بِالْوُضُوءِ) : أَيْ بَعْدَ الْحَدَثِ (إِذَا قُمْتُ إِلَى الصَّلَاةِ) : أَيْ أَرَدْتُ الْقِيَامَ لَهَا، وَهَذَا بِاعْتِبَارِ الْأَعَمِّ الْأَغْلَبِ، وَإِلَّا فَيَجِبُ الْوُضُوءُ عِنْدَ سَجْدَةِ التِّلَاوَةِ وَمَسِّ الْمُصْحَفِ وَحَالِ الطَّوَافِ، وَكَأَنَّهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - عَلِمَ مِنَ السَّائِلِ أَنَّهُ اعْتَقَدَ أَنَّ الْوُضُوءَ الشَّرْعِيَّ قَبْلَ الطَّعَامِ وَاجِبٌ مَأْمُورٌ بِهِ، فَنَفَاهُ عَلَى طَرِيقِ الْأَبْلَغِ حَيْثُ أَتَى بِأَدَاةِ الْحَصْرِ، وَأَسْنَدَ الْأَمْرَ لِلَّهِ تَعَالَى، وَهُوَ لَا يُنَافِي جَوَازَهُ، بَلِ اسْتِحْبَابُهُ فَضْلًا عَنِ اسْتِحْبَابِ الْوُضُوءِ الْعُرْفِيِّ سَوَاءٌ غَسَلَ يَدَيْهِ عِنْدَ شُرُوعِهِ فِي الْأَكْلِ أَمْ لَا. وَالْأَظْهَرُ أَنَّهُ مَا غَسَلَهُمَا لِبَيَانِ الْجَوَازِ مَعَ أَنَّهُ آكَدُ لِنَفْيِ الْوُجُوبِ الْمَفْهُومِ مِنْ جَوَابِهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وَفِي الْجُمْلَةِ لَا يَتِمُّ اسْتِدْلَالُ مَنِ احْتَجَّ بِهِ عَلَى نَفْيِ الْوُضُوءِ مُطْلَقًا قَبْلَ الطَّعَامِ، مَعَ أَنَّ فِي نَفْسِ السُّؤَالِ إِشْعَارًا بِأَنَّهُ كَانَ الْوُضُوءُ عِنْدَ الطَّعَامِ مِنْ دَأْبِهِ عَلَيْهِ السَّلَامُ، وَإِنَّمَا نَفَى الْوُضُوءَ الشَّرْعِيَّ، فَبَقِيَ الْوُضُوءُ الْعُرْفِيُّ عَلَى حَالِهِ، وَيُؤَيِّدُهُ الْمَفْهُومُ أَيْضًا، فَمَعَ وُجُودِ الِاحْتِمَالِ سَقَطَ الِاسْتِدْلَالُ، وَاللَّهُ أَعْلَمُ بِالْحَالِ. (رَوَاهُ التِّرْمِذِيُّ، وَأَبُو دَاوُدَ، وَالنَّسَائِيُّ) : أَيْ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015