4173 - وَعَنْهُ «أَنَّ رَجُلًا كَانَ يَأْكُلُ أَكْلًا كَثِيرًا، فَأَسْلَمَ، فَكَانَ يَأْكُلُ قَلِيلًا، فَذُكِرَ ذَلِكَ لِلنَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فَقَالَ: " إِنَّ الْمُؤْمِنَ يَأْكُلُ فِي مِعًى وَاحِدٍ، وَالْكَافِرُ يَأْكُلُ فِي سَبْعَةِ أَمْعَاءٍ» ". رَوَاهُ الْبُخَارِيُّ.
ـــــــــــــــــــــــــــــ
4173 - (وَعَنْهُ) : أَيْ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ - رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُ - (أَنَّ رَجُلًا) : أَيْ مِنَ الْكُفَّارِ (كَانَ يَأْكُلُ أَكْلًا كَثِيرًا) : أَيْ زَائِدًا عَلَى عَادَةِ أَكْثَرِ النَّاسِ (فَأَسْلَمَ، وَكَانَ) : بِالْوَاوِ فِي الْأُصُولِ الْمُعْتَمَدَةِ. وَكَانَ مُقْتَضَى الْقِيَاسِ أَنْ يَكُونَ بِالْفَاءِ أَيْ فَكَانَ بَعْدَ مَا أَسْلَمَ (يَأْكُلُ قَلِيلًا) : أَيْ شَيْئًا قَلِيلًا أَوْ أَكْلًا قَلِيلًا، أَيْ بِالنِّسْبَةِ إِلَى الْأَوَّلِ أَوْ قَلِيلًا بِالْمَرَّةِ كَمَا هُوَ عَادَةُ الْمُرْتَاضِينَ أَوْ قَلِيلًا عُرْفِيًّا عَلَى دَأْبِ غَالِبِ الْمُؤْمِنِينَ مِنْ حَدِّ الِاعْتِدَالِ، (فَذُكِرَ ذَلِكَ) : أَيْ تَقْلِيلُ أَكْلِهِ بَعْدَ إِسْلَامِهِ لِلنَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فَقَالَ: ( «إِنَّ الْمُؤْمِنَ يَأْكُلُ فِي مِعًى وَاحِدٍ» ) : بِكَسْرِ الْمِيمِ مُنَوَّنًا وَيُكْتَبُ بِالْيَاءِ، فَفِي الْقَامُوسِ: الْمَعْنَى بِالْفَتْحِ وَكَإِلَى مِنْ أَعْفَاجِ الْبَطْنِ، وَقَدْ يُؤَنَّثُ وَالْجَمْعُ أَمْعَاءٌ (وَالْكَافِرُ) : بِالنَّصْبِ وَيَجُوزُ رَفْعُهُ (يَأْكُلُ فِي سَبْعَةِ أَمْعَاءٍ) : اعْلَمْ أَنَّهُ لَيْسَ لِلْكَافِرِ زِيَادَةُ أَمْعَاءٍ بِالنِّسْبَةِ إِلَى الْمُؤْمِنِ، فَلَا بُدَّ مِنْ تَأْوِيلِ الْحَدِيثِ، فَقَالَ الْقَاضِي: أَرَادَ بِهِ أَنَّ الْمُؤْمِنَ يُقَلَّلُ حِرْصُهُ وَشَرَهُهُ عَلَى الطَّعَامِ، وَيُبَارَكُ لَهُ فِي مَأْكَلِهِ وَمَشْرَبِهِ، فَيَشْبَعُ مِنْ قَلِيلٍ. وَالْكَافِرُ يَكُونُ كَثِيرَ الْحِرْصِ شَدِيدَ الشَّرَهِ، لَا مَطْمَحَ لِبَصَرِهِ إِلَّا إِلَى الْمَطَاعِمِ وَالْمَشَارِبِ كَالْأَنْعَامِ، فَمِثْلُ مَا بَيْنَهُمَا مِنَ التَّفَاوُتِ فِي الشَّرَهِ. بِمَا بَيْنَ مَنْ يَأْكُلُ فِي مِعًى وَاحِدٍ، وَبَيْنَ مَنْ يَأْكُلُ فِي سَبْعَةِ أَمْعَاءٍ، وَهَذَا بِاعْتِبَارِ الْأَعَمِّ الْأَغْلَبِ.
وَقَالَ النَّوَوِيُّ: فِيهِ وُجُوهٌ: أَحَدُهَا: أَنَّهُ قِيلَ فِي رَجُلٍ بِعَيْنِهِ فَقِيلَ لَهُ عَلَى جِهَةِ التَّمْثِيلِ يَعْنِي فَلَامُ الْمُؤْمِنِ لِلْعَهْدِ. وَثَانِيهَا: أَنَّ الْمُؤْمِنَ يُسَمِّي اللَّهَ تَعَالَى عِنْدَ طَعَامِهِ فَلَا يُشْرِكُهُ فِيهِ الشَّيْطَانُ، وَالْكَافِرُ لَا يُسَمِّيهِ فَيُشَارِكُهُ الشَّيْطَانُ.