كِتَابُ الْأَطْعِمَةِ.
الْفَصْلُ الْأَوَّلُ.
4159 - «عَنْ عُمَرَ بْنِ أَبِي سَلَمَةَ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - قَالَ: كُنْتُ غُلَامًا فِي حِجْرِ رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وَكَانَتْ يَدِي تَطِيشُ فِي الصَّحْفَةِ. فَقَالَ لِي رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: " سَمِّ اللَّهَ وَكُلْ بِيَمِينِكَ، وَكُلْ مِمَّا يَلِيكَ» ". مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ.
ـــــــــــــــــــــــــــــ
(20) كِتَابُ الْأَطْعِمَةِ.
فِي الْقَامُوسِ: الطَّعَامُ، الْبُرُّ مَا يُؤْكَلُ وَجَمْعُهُ أَطْعِمَةٌ وَالْمُرَادُ مَا يُؤْكَلُ بَلْ وَمَا يُشْرَبُ أَيْضًا فَفِيهِ تَغْلِيبٌ، أَوْ مِنْ طَعِمَ كَعَلِمَ طُعْمًا - بِالضَّمِّ - ذَاقَ.
الْفَصْلُ الْأَوَّلُ.
4159 - (عَنْ عُمَرَ بْنِ أَبِي سَلَمَةَ) ، أَيْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَبْدِ الْأَسَدِ الْمَخْزُومِيِّ الْقُرَشِيِّ، وَعُمْرُ هَذَا رَبِيبُ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وَأُمُّهُ أُمُّ سَلَمَةَ زَوْجُ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وُلِدَ بِأَرْضِ الْحَبَشَةِ، السَّنَةَ الثَّانِيَةَ مِنَ الْهِجْرَةِ، وَقُبِضَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وَلَهُ تِسْعُ سِنِينَ، فَمَاتَ زَمَنَ عَبْدِ الْمَلِكِ بْنِ مَرْوَانَ بِالْمَدِينَةِ سَنَةَ ثَلَاثٍ وَثَمَانِينَ، حَفِظَ عَنْ رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - أَحَادِيثَ، وَرَوَى عَنْهُ جَمَاعَةٌ. (قَالَ: كُنْتُ غُلَامًا) : أَيْ صَبِيًّا (فِي حِجْرِ رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -) بِفَتْحِ الْحَاءِ وَيُكْسَرُ أَيْ فِي حِضْنِهِ يُرَبِّينِي تَرْبِيَةَ الْأَوْلَادِ (وَكَانَتْ يَدِي) : أَيْ أَحْيَانًا عَلَى مُقْتَضَى عَادَةِ الصِّغَارِ (تَطِيشُ) : أَيْ تَدُورُ إِلَى الصَّحْفَةِ) . أَيْ حَوَالَيْهَا مِنْ: طَاشَ السَّهْمُ إِذَا عَدَلَ عَنِ الْهَدَفِ، وَقِيلَ: أَيْ تَخِفُّ وَتَتَنَاوَلُ فِيِ الْقَصْعَةِ مِنْ كُلِّ جَانِبٍ، قِيلَ: الصَّحْفَةُ مَا يَشْبَعُ مِنْهَا خَمْسَةٌ، وَالْقَصْعَةُ مَا يَشْبَعُ مِنْهَا عَشَرَةٌ. (فَقَالَ لِي رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - سَمِّ اللَّهَ: أَيْ قُلْ بِاسْمِ اللَّهِ أَوِ اذْكُرِ اسْمَ اللَّهِ (وَكُلْ بِيَمِينِكَ، وَكُلْ مِمَّا يَلِيكَ) . أَيْ مِمَّا يَقْرَبُكَ لَا مِنْ كُلِّ جَانِبٍ، ذَهَبَ جُمْهُورُ الْعُلَمَاءِ إِلَى أَنَّ الْأَوَامِرَ الثَّلَاثَةَ فِي هَذَا الْحَدِيثِ لِلنَّدْبِ، وَذَهَبَ بَعْضُهُمْ إِلَى أَنَّ الْأَمْرَ بِالْأَكْلِ بِالْيَمِينِ لِلْوُجُوبِ. قَالَ النَّوَوِيُّ: " فِي اسْتِحْبَابِ التَّسْمِيَةِ فِي ابْتِدَاءِ الطَّعَامِ، وَأَنْ يَجْهَرَ بِهَا لِيُسْمِعَ غَيْرَهُ ". قُلْتُ: لَا دَلَالَةَ فِي الْحَدِيثِ عَلَى الْجَهْرِ، وَلَعَلَّهُ يُؤْخَذُ مِنْ مَحَلٍّ آخَرَ. قَالَ: وَالتَّسْمِيَةُ فِي شُرْبِ الْمَاءِ وَاللَّبَنِ وَالْعَسَلِ وَالْمَرَقِ وَالدَّوَاءِ وَسَائِرِ الْمَشْرُوبَاتِ كَالتَّسْمِيَةِ عَلَى الطَّعَامِ، وَيَنْبَغِي أَنْ يُسَمِّيَ كُلُّ وَاحِدٍ مِنَ الْآكِلِينَ، فَإِنْ سَمَّى وَاحِدٌ مِنْهُمْ حَصَلَ أَصْلُ السُّنَّةِ. قُلْتُ: هُوَ خِلَافُ مَا عَلَيْهِ الْجُمْهُورُ أَنَّهُ سُنَّةٌ فِي حَقِّ كُلِّ وَاحِدٍ، قَالَ: وَفِيهِ اسْتِحْبَابُ الْأَكْلِ مِمَّا يَلِيهِ؛ لِأَنَّ أَكْلَهُ مِنْ مُوَضِعِ يَدِ صَاحِبِهِ سُوءُ عِشْرَةٍ وَتَرْكُ مَوَدَّةٍ لِنُفُورِهِ لَا سِيَّمَا فِي الْأَمْرَاقِ وَأَشْبَاهِهَا. قُلْتُ: وَفِيهِ أَنَّ أَكْلَ مَا يَلِيهِ سُنَّةٌ، وَلَوْ كَانَ وَحْدَهُ عَلَى مَا صَرَّحَ بِهِ الشَّافِعِيَّةُ وَغَيْرُهُمْ. قَالَ: فَإِنْ كَانَ تَمْرًا فَقَدْ نَقَلُوا إِبَاحَةَ اخْتِلَافِ الْأَيْدِي فِي الطَّبَقِ، وَالَّذِي يَنْبَغِي تَعْمِيمُ النَّهْيِ حَمْلًا عَلَى عُمُومِهِ حَتَّى يَثْبُتَ دَلِيلٌ مُخَصِّصٌ. قُلْتُ: سَيَأْتِي حَدِيثُ التِّرْمِذِيِّ فِي أَوَاخِرِ الْفَصْلِ الثَّانِي مِنْ هَذَا الْبَابِ أَنَّهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - «قَالَ فِي أَكْثَرِ التَّمْرِ: " يَا عِكْرَاشُ كُلْ مِنْ حَيْثُ شِئْتَ ; فَإِنَّهُ مِنْ غَيْرِ لَوْنٍ وَاحِدٍ» ". (مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ) . وَفِي الشَّمَائِلِ لِلتِّرْمِذِيِّ «عَنْ عُمَرَ بْنِ أَبِي سَلَمَةَ، أَنَّهُ دَخَلَ عَلَى رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وَعِنْدَهُ طَعَامٌ فَقَالَ: " ادْنُ يَا بُنَيَّ فَسَمِّ اللَّهَ تَعَالَى وَكُلْ بِيَمِينِكَ وَكُلْ مِمَّا يَلِيكَ» " فَتَأَمَّلْ، وَفِي الْحَدِيثَيْنِ إِيمَاءٌ لِلِاحْتِيَاجِ إِلَى التَّطْبِيقِ، وَاللَّهُ وَلِيُّ التَّوْفِيقِ.