وَشَرَطَ بَعْضُهُمُ الْإِشْعَارَ، فَأَمَّا إِذَا خَرَجَ الْجَنِينُ حَيًّا فَيُذْبَحُ وَقَالَ زَيْنُ الْعَرَبِ: وَإِنَّمَا يَحِلُّ الْجَنِينُ لَوْ سَكَنَ فِي الْبَطْنِ عَقِيبَ الذَّبْحِ إِذْ لَوْ تَحَرَّكَ زَمَانًا طَوِيلًا، ثُمَّ سَكَنَ حَرُمَ، وَإِنْ خَرَجَ فِي الْحَالِ وَبِهِ حَرَكَةُ الْمَذْبُوحِ حَلَّ، وَإِنْ كَانَ فِيهِ حَيَاةٌ مُسْتَقِرَّةٌ يُذْبَحُ اتِّفَاقًا لِيَحِلَّ، وَلَوْ خَرَجَ بَعْضُهُ وَذُبِحَتِ الْأُمُّ قَبْلَ انْفِصَالِهِ حَلَّ أَكْلُهُ. وَقَالَ أَبُو حَنِيفَةَ: لَا يَحِلُّ أَكْلُ الْجَنِينِ إِلَّا أَنْ يَخْرُجَ حَيًّا وَيُذْبَحَ. قَالَ الشُّمُنِّيُّ: وَلَا يَحِلُّ جَنِينٌ مَيِّتٌ وُجِدَ فِي بَطْنِ أُمِّهِ سَوَاءٌ أَشَعَرَ، أَوْ لَمْ يُشْعِرْ، وَهَذَا عِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ وَزُفَرَ وَالْحَسَنِ بْنِ زِيَادٍ. وَقَالَ أَبُو يُوسُفَ وَمُحَمَّدٌ: إِذَا تَمَّ خَلْقُهُ حَلَّ لِلْحَدِيثِ؛ وَلِأَنَّهُ جُزْءٌ مِنْ أُمِّهِ حَقِيقَةً ; لِأَنَّهُ مُتَّصِلٌ بِهَا، وَيَتَغَذَّى بِغِذَائِهَا، وَيَتَنَفَّسُ بِنَفَسِهَا، وَحُكْمًا ; لِأَنَّهُ يَدْخُلُ فِي الْبَيْتِ الْوَارِدِ عَلَيْهَا، فَيَكُونُ جُرْحُهَا ذَكَاةً لَهُ عِنْدَ الْعَجْزِ عَنْ ذَكَاتِهِ كَالصَّيْدِ بِجَامِعِ الْعَجْزِ عَنِ الذَّكَاةِ الِاخْتِيَارِيَّةِ، وَلِأَبِي حَنِيفَةَ أَنَّ الْجَنِينَ أَصْلٌ فِي حَقِّ الْحَيَاةِ، وَلِهَذَا تَصِحُّ الْوَصِيَّةُ بِهِ فَيَجِبُ إِفْرَادُهُ بِالذَّكَاةِ لِيَخْرُجَ دَمُهُ فَيَطِيبَ لَحْمُهُ، وَلِيُجْعَلَ تَبَعًا لِأُمِّهِ فِيهَا ; لِأَنَّ الْمَقْصُودَ مِنْ ذَكَاتِهِ وَهُوَ إِخْرَاجُ دَمِهِ لَا يَحْصُلُ بِذَبْحِهَا بِخِلَافِ جَرْحِ الصَّيْدِ فَإِنَّهُ مُخْرِجٌ لِدَمِهِ فَيَقُومُ مَقَامَ ذَبْحِهِ، وَمَعْنَى الْحَدِيثِ كَذَكَاةِ أُمِّهِ، وَالتَّشْبِيهُ بِهَذَا الطَّرِيقِ. قَالَ اللَّهُ تَعَالَى: {وَجَنَّةٍ عَرْضُهَا السَّمَاوَاتُ وَالْأَرْضُ} [آل عمران: 133] وَيَدُلُّ عَلَى هَذَا أَنَّهُ رُوِيَ ذَكَاةَ أُمِّهِ بِالنَّصْبِ أَيْ: يُذَكَّى ذَكَاةً مِثْلَ ذَكَاةِ أُمِّهِ اهـ. فَإِطْلَاقُ الْجَنِينِ مَجَازٌ بِاعْتِبَارِ كَوْنِهِ أَوَّلًا. كَقَوْلِهِ تَعَالَى: {وَآتُوا الْيَتَامَى أَمْوَالَهُمْ} [النساء: 2] (رَوَاهُ أَبُو دَاوُدَ وَالدَّارِمِيُّ) أَيْ: عَنْ جَابِرٍ.