وَقَالَ الطِّيبِيُّ: سَبَقَ الْقَوْلُ فِيهِ وَفِي بَيَانِ التَّخْصِيصِ (فَأَخْرَجَ) أَيْ: عَلِيٌّ مَنِ الْقِرَابِ (صَحِيفَةً) أَيْ: كِتَابًا عَلَى مَا فِي النِّهَايَةِ وَالْقَامُوسِ (فِيهَا: لَعَنَ اللَّهُ مَنْ ذَبَحَ لِغَيْرِ اللَّهِ، وَلَعَنَ اللَّهُ مَنْ سَرَقَ مَنَارَ الْأَرْضِ) : بِفَتْحِ الْمِيمِ جَمْعُ مَنَارَةٍ، وَهَى عَلَامَةُ الْأَرَاضِي الَّتِي يَتَمَيَّزُ بِهَا حُدُودُهَا. قَالَ ابْنُ الْمَلَكِ أَيْ: يُرِيدُ اسْتِبَاحَةَ مَا لَيْسَ لَهُ مِنْ حَقِّ الْجَارِ. وَقَالَ التُّورِبِشْتِيُّ وَغَيْرُهُ: الْمَنَارُ الْعَلَمُ وَالْحَدُّ بَيْنَ الْأَرْضِ، وَذَلِكَ بِأَنْ يُسَوِّيَهُ، أَوْ يُغَيِّرَهُ لِيَسْتَبِيحَ بِذَلِكَ مَا لَيْسَ لَهُ بِحَقٍّ مِنْ مِلْكٍ، أَوْ طَرِيقٍ. (وَفِي رِوَايَةٍ: مَنْ غَيَّرَ مَنَارَ الْأَرْضِ) أَيْ: رَفَعَهَا وَجَعَلَهَا فِي أَرْضِهِ وَرَفَعَهَا لِيَقْتَطِعَ شَيْئًا مِنْ أَرْضِ الْجَارِ إِلَى جَارِهِ. (وَلَعَنَ اللَّهُ مَنْ لَعَنَ وَالِدَهُ) أَيْ: صَرِيحًا، أَوْ تَسَبُّبًا بِأَنْ لَعَنَ وَالِدَ أَحَدٍ فَيَسُبُّ وَالِدَهُ، وَمِنْهُ قَوْلُهُ تَعَالَى: {وَلَا تَسُبُّوا الَّذِينَ يَدْعُونَ مِنْ دُونِ اللَّهِ فَيَسُبُّوا اللَّهَ عَدْوًا بِغَيْرِ عِلْمٍ} [الأنعام: 108] فَالنَّهْيُ عَنِ السَّبَبِ احْتِرَازٌ عَنِ التَّسَبُّبِ. (وَلَعَنَ اللَّهُ مَنْ آوَى) : بِالْمَدِّ وَيُقْصَرُ فَإِنَّهُ يَتَعَدَّى وَلَا يَتَعَدَّى، ذَكَرَهُ التُّورِبِشْتِيُّ. وَأَنْكَرَ بَعْضُهُمُ الْقَصْرَ، وَقَالَ الْأَزْهَرِيُّ: هِيَ فَصِيحَةٌ، كَذَا ذَكَرَهُ زَيْنُ الْعَرَبِ. (مُحْدِثًا) : بِكَسْرِ الدَّالِ وَهُوَ مَنْ جَنَى عَلَى غَيْرِهِ جِنَايَةً وَإِيوَاؤُهُ إِجَارَتُهُ مِنْ خَصْمِهِ وَحِمَايَتِهِ عَنِ التَّعَرُّضِ لَهُ، وَالْحَيْلُولَةِ بَيْنَهُ وَبَيْنَ مَا يَحِقُّ اسْتِيفَاؤُهُ مِنْ قِصَاصٍ، أَوْ عِقَابٍ، وَيَدْخُلُ فِي ذَلِكَ الْجَانِي عَلَى الْإِسْلَامِ بِإِحْدَاثِ بِدْعَةٍ إِذَا حَمَاهُ عَنِ التَّعَرُّضِ لَهُ، وَالْأَخْذِ عَلَى يَدِهِ لِدَفْعِ عَادِيَتِهِ، كَذَا ذَكَرَهُ التُّورِبِشْتِيُّ وَغَيْرُهُ. (رَوَاهُ مُسْلِمٌ) : وَكَذَا أَحْمَدُ وَالنَّسَائِيُّ.