الَّذِي لَيْسَ بِمُعَلَّمٍ وَبِكَلْبِي الْمُعَلَّمِ، فَمَا يَصْلُحُ لِي؟) أَيْ: وَمَا لَا يَصْلُحُ لِي أَكْلُهُ وَلَمَّا كَانَ السُّؤَالُ مُرَكَّبًا مِنْ مَسْأَلَتَيْنِ قَالَ) : مُفَصِّلًا فِي الْجَوَابِ (أَمَّا مَا ذَكَرْتَ مِنْ آنِيَةِ أَهْلِ الْكِتَابِ) أَيْ: وَمِنَ الْأَكْلِ فِيهَا (فَإِنْ وَجَدْتُمْ غَيْرَهَا فَلَا تَأْكُلُوا فِيهَا) أَيِ: احْتِيَاطًا لِقَوْلِهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: دَعْ مَا يُرِيبُكَ إِلَى مَا لَا يُرِيبُكَ. وَتَنَزُّهًا عَنِ اسْتِعْمَالِ ظُرُوفِهِمُ الْمُسْتَعْمَلَةِ فِي أَيْدِيهِمْ وَلَوْ بَعْدَ الْغَسْلِ، وَتَنْفِيرًا عَنْ مُخَالَطَتِهِمْ عَلَى طَرِيقِ الْمُبَالَغَةِ، وَهَذَا هُوَ التَّقْوَى وَمَا بَعْدَهُ حُكْمُ الْفَتْوَى، وَالْعِبْرَةُ بِعُمُومِ اللَّفْظِ لَا بِخُصُوصِ السَّبَبِ الْآتِي ذِكْرُهُ، (وَإِنْ لَمْ تَجِدُوا) أَيْ: غَيْرَهَا (فَاغْسِلُوهَا) : أَمْرُ وُجُوبٍ إِذَا كَانَ هُنَاكَ غَلَبَةُ الظَّنِّ عَلَى نَجَاسَتِهَا وَأَمْرُ نَدْبٍ إِذَا كَانَ الْأَمْرُ بِخِلَافِ ذَلِكَ قَالَهُ ابْنُ الْمَلَكِ. أَمَرَهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَغْسِلُ إِنَاءَ الْكُفَّارِ فِيمَا إِذَا تُيُقِّنَ نَجَاسَتُهُ وَمَا لَا فَكَرَاهَتُهُ تَنْزِيهِيَّةٌ (وَكُلُوا فِيهَا) : قَالَ الْبِرْمَاوِيُّ: ظَاهِرُهُ أَنَّهُ لَا يَسْتَعْمِلُ آنِيَتَهُمْ بَعْدَ الْغَسْلِ إِذَا وَجَدَ غَيْرَهَا، وَقَدْ قَالَ الْفُقَهَاءُ: يَجُوزُ اسْتِعْمَالُ آنِيَتِهِمْ بَعْدَ الْغَسْلِ بِلَا كَرَاهِيَّةٍ سَوَاءً وَجَدَ غَيْرَهَا، أَوْ لَا، فَتُحْمَلُ الْكَرَاهِيَّةُ فِي الْحَدِيثِ عَلَى أَنَّ الْمُرَادَ الْآنِيَةُ الَّتِي كَانُوا يَطْبُخُونَ فِيهَا لُحُومَ الْخِنْزِيرِ وَيَشْرَبُونَ فِيهَا الْخَمْرَ، وَإِنَّمَا نَهَى عَنْهَا بَعْدَ الْغَسْلِ لِلِاسْتِقْذَارِ وَكَوْنِهَا مُعْتَادَةَ النَّجَاسَةِ، وَمُرَادُ الْفُقَهَاءِ الْأَوَانِي الَّتِي لَيْسَتْ مُسْتَعْمَلَةً فِي النَّجَاسَاتِ غَالِبًا، وَذَكَرَهُ أَبُو دَاوُدَ فِي سُنَنِهِ صَرِيحًا. قَالَ النَّوَوِيُّ: ذَكَرَ هَذَا الْحَدِيثَ الْبُخَارِيُّ وَمُسْلِمٌ مُطْلَقًا، وَذَكَرَهُ أَبُو دَاوُدَ مُقَيَّدًا. قَالَ: إِنَّا نُجَاوِرُ أَهْلَ الْكِتَابِ وَهُمْ يَطْبُخُونَ فِي قُدُورِهِمُ الْخِنْزِيرَ، وَيَشْرَبُونَ فِي آنِيَتِهِمُ الْخَمْرَ فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: إِنْ وَجَدْتُمْ غَيْرَهَا فَلَا تَأْكُلُوا فِيهَا الْحَدِيثَ، ثُمَّ ذَكَرَ مِثْلَ مَا تَقَدَّمَ فِي كَلَامِ الْبِرْمَاوِيِّ وَقَالَ: فَالنَّهْيُ بَعْدَ الْغَسْلِ لِلِاسْتِقْذَارِ كَمَا يُكْرَهُ الْأَكْلُ فِي الْمِحْجَمَةِ الْمَغْسُولَةِ (وَمَا صِدْتَ) : بِكَسْرِ الصَّادِ أَيْ: وَأَمَّا مَا صِدْتَهُ (بِقَوْسِكَ) : أَوْ بِرَمْيِكَ السَّهْمَ بِمَعُونَةِ قَوْسِكَ (فَذَكَرْتَ اسْمَ اللَّهِ) أَيْ: فِي أَوَّلِ رَمْيِكَ (فَكُلْ، وَمَا صِدْتَ بِكَلْبِكَ الْمُعَلَّمِ فَذَكَرْتَ اسْمَ اللَّهِ) أَيْ: حِينَ إِرْسَالِكَ إِيَّاهُ (فَكُلْ، وَمَا صِدْتَ بِكَلْبِكَ غَيْرِ مُعَلَّمٍ) : بِجَرِّ غَيْرِ عَلَى الْبَدَلِيَّةِ. وَفِي نُسْخَةٍ بِالنَّصْبِ عَلَى الِاسْتِثْنَاءِ، وَفَى نُسْخَةٍ غَيْرِ الْمُعَلَّمِ بِالتَّعْرِيفِ (فَأَدْرَكْتَ ذَكَاتَهُ) : بِالذَّالِ الْمُعْجَمَةِ أَيْ: ذَبْحَهُ، وَالْمَعْنَى أَدْرَكْتَهُ حَيًّا وَذَبَحْتَهُ (فَكُلْ. مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ) .