3832 - وَعَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ، أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قَالَ: «عَرَضَ عَلَيَّ أَوَّلُ ثَلَاثَةٍ يَدْخُلُونَ الْجَنَّةَ: شَهِيدٌ، وَعَفِيفٌ مُتَعَفِّفٌ، وَعَبَدٌ أَحْسَنَ عِبَادَةَ اللَّهِ وَنَصَحَ لِمَوَالِيهِ» . رَوَاهُ التِّرْمِذِيُّ.
ـــــــــــــــــــــــــــــ
3832 - (وَعَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ، أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قَالَ: عَرَضَ عَلَيَّ) : أَيْ ظَهَرَ لَدَيَّ (أَوَّلُ ثَلَاثَةٍ يَدْخُلُونَ الْجَنَّةَ) : بِصِيغَةِ الْفَاعِلِ، وَيَجُوزُ كَوْنُهُ لِلْمَفْعُولِ. قَالَ الطِّيبِيُّ: أَضَافَ أَفْعَلَ إِلَى النَّكِرَةِ لِلِاسْتِغْرَاقِ ; أَيْ أَوَّلُ كُلِّ ثَلَاثَةٍ مِنَ الدَّاخِلِينَ فِي الْجَنَّةِ هَؤُلَاءِ الثَّلَاثَةُ، وَأَمَّا تَقْدِيمُ أَحَدِ الثَّلَاثَةِ عَلَى الْآخَرِينَ فَلَيْسَ فِي اللَّفْظِ إِلَّا التَّنْسِيقُ عِنْدَ عُلَمَاءِ الْمَعَانِي اه. وَقَوْلُهُ لِلِاسْتِغْرَاقِ كَأَنَّهُ صِفَةُ النَّكِرَةِ ; أَيِ النَّكِرَةِ الْمُسْتَغْرِقَةِ ; لِأَنَّ النَّكِرَةَ الْمَوْصُوفَةَ تَعُمُّ، فَالْمَعْنَى أَوَّلُ كُلِّ مَنْ يَدْخُلُ الْجَنَّةَ ثَلَاثَةُ هَؤُلَاءِ الثَّلَاثَةِ، ثُمَّ لَا شَكَّ أَنَّ تَقْدِيمَ الذِّكْرَى يُفِيدُ التَّرْتِيبَ الْوُجُودِيَّ فِي الْجُمْلَةِ، وَإِنْ لَمْ يَكُنْ قَطْعِيًّا كَمَا فِي آيَةِ الْوُضُوءِ، وَقَدْ قَالَ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: " «ابْدَأُوا بِمَا بَدَأَ اللَّهُ بِهِ فِي أَنَّ الصَّفَا وَالْمَرْوَةَ مِنْ شَعَائِرِ اللَّهِ» ". وَرُوِيَ (ثَلَاثَةٌ) بِالضَّمِّ، وَهِيَ الْجَمَاعَةُ ; أَيْ أَوَّلُ جَمَاعَةٍ يَدْخُلُونَ الْجَنَّةَ. وَرُوِيَ بِرَفْعِ (ثَلَاثَةٌ) فَضَمُّ أَوَّلَ لِلْبِنَاءِ كَضَمِّ: قَبْلُ وَبَعْدُ وَهُوَ ظَرْفُ عَرَضَ ; أَيْ عَرَضَ عَلَيَّ أَوَّلُ أَوْقَاتِ الْعَرْضِ ثَلَاثَةٌ، أَوْ ثَلَاثَةٌ يَدْخُلُونَ الْجَنَّةَ (شَهِيدٌ) : فَعِيلٌ بِمَعْنَى الْفَاعِلِ، أَوِ الْمَفْعُولِ. قَالَ السُّيُوطِيُّ: إِنَّمَا سُمِّيَ الشَّهِيدُ شَهِيدًا ; لِأَنَّهُ حَيٌّ، فَكَأَنَّ رُوحَهُ شَاهِدَةٌ ; أَيْ حَاضِرَةٌ، وَقِيلَ: لِأَنَّ اللَّهَ تَعَالَى وَمَلَائِكَتَهُ يَشْهَدُونَ لَهُ بِالْجَنَّةِ، وَقِيلَ: لِأَنَّهُ يَشْهَدُ عِنْدَ خُرُوجِ رُوحِهِ مَا أَعَدَّهُ اللَّهُ لَهُ مِنَ الْكَرَامَةِ، وَقِيلَ: لِأَنَّهُ يُشْهَدُ لَهُ بِالْإِيمَانِ مِنَ النَّارِ، وَقِيلَ: لِأَنَّهُ الَّذِي يَشْهَدُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ بِإِبْلَاغِ الرُّسُلِ (وَعَفِيفٌ) : أَيْ عَمَّا لَا يَحِلُّ (مُتَعَفِّفٌ) : أَيْ عَنِ السُّؤَالِ مُكْتَفٍ بِالْيَسِيرِ عَنْ طَلَبِ الْفُضُولِ فِي الْمَطْعَمِ وَالْمَلْبَسِ، وَقِيلَ: أَيْ مُنَزَّهٌ عَمَّا لَا يَلِيقُ بِهِ صَابِرٌ عَلَى مُخَالَفَةِ نَفْسِهِ وَهَوَاهُ (وَعَبْدٌ) : أَيْ مَمْلُوكٌ (أَحْسَنَ عِبَادَةَ اللَّهِ) : بِأَنْ قَامَ بِشَرَائِطِهَا وَأَرْكَانِهَا. وَقَالَ الطِّيبِيُّ: أَيْ أَخْلَصَ عِبَادَتَهُ مِنْ قَوْلِهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: " «الْإِحْسَانُ أَنْ تَعْبُدَ اللَّهَ كَأَنَّكَ تَرَاهُ» ". وَلَا يَخْفَى عَدَمُ مُلَاءَمَتِهِ لِلْمَقَامِ ; لِأَنَّ الْمُرَادَ بِهِ أَنَّهُ قَامَ بِحَقِّ خَالِقِهِ مِمَّا يَجِبُ عَلَيْهِ (وَنَصَحَ لِمَوَالِيهِ) : أَيْ أَرَادَ الْخَيْرَ لَهُمْ وَقَامَ بِحُقُوقِهِمْ (رَوَاهُ التِّرْمِذِيُّ) : وَرَوَاهُ أَحْمَدُ وَالْبَيْهَقِيُّ وَالْحَاكِمُ عَنْهُ بِلَفْظِ: " «عَرَضَ عَلَيَّ أَوَّلُ ثَلَاثَةٍ يَدْخُلُونَ الْجَنَّةَ وَأَوَّلُ ثَلَاثَةٍ يَدْخُلُونَ النَّارَ، فَأَمَّا أَوَّلُ ثَلَاثَةِ الْجَنَّةِ ; فَالشَّهِيدُ، وَمَمْلُوكٌ أَحْسَنَ عِبَادَةَ رَبِّهِ وَنَصَحَ لِسَيِّدِهِ، وَعَفِيفٌ مُتَعَفِّفٌ. وَأَمَّا أَوَّلُ ثَلَاثَةٍ يَدْخُلُونَ النَّارَ، فَأَمِيرٌ مُسَلَّطٌ، وَذُو ثَرْوَةٍ مِنْ مَالٍ لَا يُؤَدِّي حَقَّ اللَّهِ فِي مَالِهِ، وَفَقِيرٌ فَخُورٌ» ".