وَفِي النِّهَايَةِ: نَكْتُبُ أُصْبُعَهُ ; أَيْ نَالَتْهَا الْحِجَارَةُ، وَالنَّكْبَةُ مَا يُصِيبُ الْإِنْسَانَ مِنَ الْحَوَادِثِ (فَإِنَّهَا) : أَيِ النَّكْبَةُ الَّتِي فِيهَا الْجِرَاحَةُ (تَجِيءُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ) : قَالَ الطِّيبِيُّ: قَدْ سَبَقَ شَيْئَانِ الْجَرْحُ وَالنَّكْبَةُ، وَهِيَ مَا أَصَابَهُ فِي سَبِيلِ اللَّهِ مِنِ الْحِجَارَةِ فَأَعَادَ الضَّمِيرَ إِلَى النَّكْبَةِ دَلَالَةً عَلَى أَنَّ حُكْمَ النَّكْبَةِ إِذَا كَانَ بِهَذِهِ الْمَثَابَةِ فَمَا ظَنُّكَ بِالْجُرْحِ بِالسِّنَانِ وَالسَّيْفِ؟ وَنَظِيرُهُ قَوْلُهُ تَعَالَى: {وَالَّذِينَ يَكْنِزُونَ الذَّهَبَ وَالْفِضَّةَ وَلَا يُنْفِقُونَهَا} [التوبة: 34] اه.، أَوْ يُقَالُ: إِفْرَادُ الضَّمِيرِ بِاعْتِبَارِ أَنَّ مُؤَدَّاهُمَا وَاحِدٌ وَهِيَ الْمُصِيبَةُ الْحَادِثَةُ فِي سَبِيلِ اللَّهِ، فَهِيَ تَظْهَرُ وَتُتَصَوَّرُ (كَأَغْزَرِ مَا كَانَتْ) : أَيْ كَأَكْثَرِ أَوْقَاتِ أَكْوَانِهَا فِي الدُّنْيَا. قَالَ الطِّيبِيُّ: الْكَافُ زَائِدَةٌ وَمَا مَصْدَرِيَّةٌ، وَالْوَقْتُ مُقَدَّرٌ يَعْنِي حِينَئِذٍ تَكُونُ غَزَارَةُ دَمِهِ أَبْلَغَ مِنْ سَائِرِ أَوْقَاتِهِ اه.

وَالْأَظْهَرُ أَنَّ الْكَافَ غَيْرُ زَائِدَةٍ وَالْمُرَادُ أَنَّ الْجِرَاحَةَ وَالنَّكْبَةَ تَكُونُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ مِثْلَ أَكْثَرِ مَا وُجِدَ فِي الدُّنْيَا. (لَوْنُهَا الزَّعْفَرَانُ، وَرِيحُهَا الْمِسْكُ) : كُلٌّ مِنْهُمَا تَشْبِيهٌ بَلِيغٌ (وَمَنْ خَرَجَ بِهِ) : الْبَاءُ لِلْإِلْصَاقِ ; أَيْ: ظَهَرَ بِهِ (خُرَاجٌ) : وَهُوَ بِضَمِّ الْمُعْجَمَةِ مَا يَخْرُجُ فِي الْبَدَنِ مِنَ الْقُرُوحِ وَالدَّمَامِيلِ (فِي سَبِيلِ اللَّهِ فَإِنَّ عَلَيْهِ) : أَيْ عَلَى نَفْسِ الْخُرَاجِ، أَوْ عَلَى صَاحِبِهِ (طَابَعُ الشُّهَدَاءِ) : بِفَتْحِ الْمُوَحَّدَةِ وَيُكْسَرُ ; أَيْ: خَتْمُهُمْ يَعْنِي عَلَامَةَ الشُّهَدَاءِ وَأَمَارَتَهُمْ، لِيُعْلَمَ أَنَّهُ سَعَى فِي إِعْلَاءِ الدِّينِ وَيُجَازَى جَزَاءَ الْمُجَاهِدِ. قَالَ الطِّيبِيُّ: وَنِسْبَةُ هَذِهِ الْقَرِينَةِ مَعَ الْقَرِينَتَيْنِ الْأُولَيَيْنِ التَّرَقِّي فِي الْمُبَالَغَةِ مِنَ الْإِصَابَةِ بِآثَارِ مَا يُصِيبُ الْمُجَاهِدَ فِي سَبِيلِ اللَّهِ مِنَ الْعَدُوِّ تَارَةً، وَمَنْ غَيْرِهِ أُخْرَى، وَطَوْرًا مِنْ نَفْسِهِ. (رَوَاهُ التِّرْمِذِيُّ، وَأَبُو دَاوُدَ، وَالنَّسَائِيُّ) : وَرَوَاهُ أَحْمَدُ عَنْ عَمْرِو بْنِ عَبْسَةَ وَلَفْظُهُ: " «مَنْ قَاتَلَ فِي سَبِيلِ اللَّهِ فَوَاقَ نَاقَةٍ حَرَّمَ اللَّهُ عَلَى وَجْهِهِ النَّارَ» ".

طور بواسطة نورين ميديا © 2015