قُتِلْتَ وَالْحَالُ أَنَّكَ صَابِرٌ (مُحْتَسِبٌ، مُقْبِلٌ غَيْرُ مُدْبِرٍ، إِلَّا الدَّيْنَ) : اسْتِثْنَاءٌ مُنْقَطِعٌ، وَيَحُوزُ أَنْ يَكُونَ مُتَّصِلًا ; أَيِ الدِّينُ الَّذِي لَا يَنْوِي أَدَاءَهُ. قَالَ التُّورِبِشْتِيُّ: أَرَادَ بِالدَّيْنِ هُنَا مَا يَتَعَلَّقُ بِذِمَّتِهِ مِنْ حُقُوقِ الْمُسْلِمِينَ، إِذْ لَيْسَ الدَّائِنُ أَحَقَّ بِالْوَعِيدِ وَالْمُطَالَبَةِ مِنْهُ مِنَ الْجَانِي وَالْغَاصِبِ وَالْخَائِنِ وَالسَّارِقِ. وَقَالَ النَّوَوِيُّ: فِيهِ تَنْبِيهٍ عَلَى جَمِيعِ حُقُوقِ الْآدَمِيِّينَ، وَأَنَّ الْجِهَادَ وَالشَّهَادَةَ وَغَيْرَهُمَا مِنْ أَعْمَالِ الْبِرِّ لَا يُكَفِّرُ حُقُوقَ الْآدَمِيِّينَ، وَإِنَّمَا يُكَفِّرُ حُقُوقَ اللَّهِ قَلْتُ: إِلَّا شَهِيدَ الْبَحْرِ، فَإِنَّهُ يَغْفِرُ لَهُ الذُّنُوبَ كُلَّهَا وَالدَّيْنَ، كَمَا وَرَدَ فِي حَدِيثٍ. وَوَرَدَ ; أَيْضًا أَنَّ اللَّهَ تَعَالَى يَقْبِضُ أَرْوَاحَ شُهَدَاءِ الْبَحْرِ لَا يَكِلُ ذَلِكَ إِلَى مَلَكِ الْمَوْتِ. (فَإِنَّ جِبْرِيلَ قَالَ لِي ذَلِكَ) : أَيْ إِلَّا الدَّيْنَ. قَالَ الطِّيبِيُّ، فَإِنْ قُلْتَ: كَيْفَ قَالَ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: " كَيْفَ قُلْتَ " وَقَدْ أَحَاطَ بِسُؤَالِهِ عِلْمًا، وَأَجَابَهُ بِذَلِكَ الْجَوَابِ؟ قُلْتُ: لِيَسْأَلَ ثَانِيًا وَيُجِيبَهُ بِذَلِكَ الْجَوَابِ، وَيُعَلِّقَ بِهِ إِلَّا الدَّيْنَ اسْتِدْرَاكًا بَعْدَ إِعْلَامِ جِبْرِيلَ عَلَيْهِ السَّلَامُ ; أَيَّاهُ صَلَوَاتُ اللَّهِ وَسَلَامُهُ عَلَيْهِ. (رَوَاهُ مُسْلِمٌ) .