3778 - وَعَنْ جَابِرٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: " «لَا يَحْلِفُ أَحَدٌ عِنْدَ مِنْبَرِي هَذَا عَلَى يَمِينٍ آثِمَةٍ، وَلَوْ عَلَى سِوَاكٍ أَخْضَرَ إِلَّا تَبَوَّأَ مَقْعَدَهُ مِنَ النَّارِ، أَوْ وَجَبَتْ لَهُ النَّارُ» ". رَوَاهُ مَالِكٌ، وَأَبُو دَاوُدَ، وَابْنُ مَاجَهْ.
ـــــــــــــــــــــــــــــ
3778 - (وَعَنْ جَابِرٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: لَا يَحْلِفُ أَحَدٌ عِنْدَ مِنْبَرِي هَذَا) : لَعَلَّهُ احْتِرَازٌ مِنْ مِنْبَرِ مَكَّةَ (عَلَى يَمِينٍ آثِمَةٍ) : أَيْ: كَاذِبَةٍ سُمِّيَتْ بِهَا كَتَسْمِيَتِهَا فَاجِرَةً اتِّسَاعًا حَيْثُ وُصِفَتْ بِوَصْفِ صَاحِبِهَا ; أَيْ: ذَاتِ إِثْمٍ. قَالَ ابْنُ الْمَلَكِ: قَيَّدَ الْحَلِفَ بِكَوْنِهِ عِنْدَ الْمِنْبَرِ تَغْلِيظًا لِشَأْنِ الْيَمِينِ وَتَعْظِيمِهِ وَشَرَفِهِ، وَإِلَّا فَالْيَمِينُ الْآثِمَةُ مُوجِبَةٌ لِلسُّخْطِ حَيْثُ وَقَعَتْ، لَكِنْ فِي الْمَوْضِعِ الشَّرِيفِ أَكْثَرُ إِثْمًا. وَقَالَ التُّورِبِشْتِيُّ: وَجْهُ ذِكْرِ الْمِنْبَرِ مِنَ الْأَزْمِنَةِ وَالْأَمْكِنَةِ، فَالْوَجْهُ فِيهِ أَنْ يُقَالَ: إِنَّمَا جَرَى ذِكْرُ الْمِنْبَرِ ; لِأَنَّهُمْ كَانُوا يَتَحَاكَمُونَ وَيَتَحَالَفُونَ يَوْمَئِذٍ فِي الْمَسْجِدِ، فَاتَّخَذُوا الْجَانِبَ الْأَيْمَنَ مِنْهُ، وَهُنَاكَ الْمِنْبَرُ مَحَلًا لِلْأُقْضِيَةِ، فَذَكَرَ فِي الْحَدِيثِ عَلَى مَا كَانَ وَأَرَى هَذَا تَأْوِيلًا حَسَنًا نَرَى الْعُدُولَ عَنْهُ، لِئَلَّا يَفْتَقِرَ أَنْ يَعْدِلَ بِالْحَلِفِ بِاللَّهِ شَيْئًا، وَالْيَمِينُ الْآثِمَةُ مُوجِبَةٌ لِسُخْطِ اللَّهِ وَنَكَالِهِ عَلَى أَيَّةِ صِفَةٍ كَانَتْ. قَالَ الطِّيبِيُّ: وَلِنَاصِرٍ الْقَوْلُ الْأَوَّلُ أَنْ يَقُولَ: وَصَفَ الْمِنْبَرَ بِاسْمِ الْإِشَارَةِ بَعْدَ إِضَافَتِهِ إِلَى نَفْسِهِ لَيْسَ إِلَّا لِلتَّعْظِيمِ، وَإِنَّ لِلْمَكَانِ مَدْخَلًا فِي تَغْلِيظِ الْيَمِينِ، وَقَوْلِهِ: (وَلَوْ عَلَى سِوَاكٍ أَخْضَرَ) : تَتْمِيمٌ بِمَعْنَى التَّحْقِيرِ فِي السِّوَاكِ ; لِأَنَّهُ لَا يُسْتَعْمَلُ إِلَّا يَابِسًا (إِلَّا تَبَوَّأَ مَقْعَدَهُ مِنَ النَّارِ، أَوْ وَجَبَتْ لَهُ النَّارُ) : شَكٌّ مِنَ الرَّاوِي، أَوْ لِلتَّنْوِيعِ بِأَنْ يَكُونَ الْأَوَّلُ وَعِيدًا لِلْفَاجِرِ، وَالثَّانِي لِلْكَافِرِ. قَالَ الطِّيبِيُّ: يَعْنِي أَنَّ مِثْلَ هَذَا الْمَحْلُوفِ عَلَيْهِ الَّذِي لَا يُعْتَدُّ بِهِ لِلْيَمِينِ، بَلْ يُعَدُّ لَغْوًا بِحَسَبِ الْعُرْفِ، وَلَا يُؤَاخَذُ بِهِ إِذَا تَرَتَّبَ عَلَيْهِ هَذَا الْوَعِيدُ الشَّدِيدُ لِأَجْلِ هَذَا الْمَكَانِ الرَّفِيعِ، فَيَكُفَّ بِمَا هُوَ فَوْقَهُ؟ وَفِيهِ أَنَّ الْأَيْمَانَ إِنَّمَا تَصِيرُ مُغْلَّظَةً بِحَسَبِ الْمَكَانِ وَالزَّمَانِ، لَا بِحَسَبِ الْمَحْلُوفِ عَلَيْهِ وَإِنْ كَانَ عَظِيمًا. (رَوَاهُ مَالِكٌ وَأَبُو دَاوُدَ وَابْنُ مَاجَهْ) .