الْأَظْهَرُ ; لِأَنَّ أُولَاهَا كَانَتْ فِي السَّنَةِ الثَّالِثَةِ وَالثَّانِيَةَ فِي الرَّابِعَةِ وَالثَّالِثَةَ بَعْدَ الْخَنْدَقِ فِي الْخَامِسَةِ وَإِسْلَامُ أَبِي هُرَيْرَةَ كَانَ عَامَ خَيْبَرَ فِي السَّابِعَةِ وَيُحْتَمَلُ أَنْ يَكُونَ ذَلِكَ خِصِّيصِيٌّ لِرَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لِمَا أُيِّدَ بِهِ مِنَ الْعِصْمَةِ وَيُحْتَمَلُ أَنْ تِلْكَ الْقَضَايَا كَانَتْ بِأَمْرٍ سَمَاوِيٍّ لِمَا ظَهَرَ مِنَ الْمَقْتُولِينَ مِنَ الْغَدْرِ لِرَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَالتَّعَرُّضِ لَهُ بِمَا لَا يَجُوزُ ذِكْرُهُ مِنَ الْقَوْلِ وَالْمُبَالَغَةِ فِي الْأَذِيَّةِ وَالتَّحْرِيشِ عَلَيْهِ قَالَ الطِّيبِيُّ وَاخْتَارَ الْقَاضِي هَذَا الْوَجْهَ وَلَخَّصَهُ وَقَالَ: الْمَعْنَى أَنَّ الْإِيمَانَ مَنَعَ ذَلِكَ وَحَرَّمَهُ فَلَا يَنْبَغِي لِلْمُؤْمِنِ أَنْ يَفْعَلَهُ ; لِأَنَّ الْمَقْصُودَ إِنْ كَانَ مُسْلِمًا فَظَاهِرٌ وَإِنْ كَانَ كَافِرًا فَلَا بُدَّ مِنْ تَقَدُّمِ نَذِيرٍ وَاسْتِتَابَةٍ إِذْ لَيْسَ الْمَقْصُودُ بِالذَّاتِ قَتْلَهُ بَلِ الِاسْتِكْمَالُ وَالْحَمْلُ عَلَى الْإِسْلَامِ عَلَى مَا يُمْكِنُ هَذَا إِذَا لَمْ يَدْعُ إِلَيْهِ دَاعٍ دِينِيٌّ فَإِنْ كَانَ كَمَا إِذَا عُلِمَ أَنَّهُ مُصِرٌّ عَلَى كُفْرِهِ حَرِيصٌ عَلَى قَتْلِ الْمُسْلِمِينَ مُنْتَهِزٌ لِلْفُرْصَةِ مِنْهُمْ وَإِنَّ دَفْعَهُ لَا يَتَيَسَّرُ إِلَّا بِهَذَا فَلَا حَرَجَ فِيهِ قَالَ الطِّيبِيُّ الظَّاهِرُ يَقْتَضِي أَنْ تُذْكَرَ الْجُمْلَةُ الْأُولَى بَعْدَ الْأُخْرَى فَإِنَّ التَّعْلِيلِيَّ مُؤَخَّرٌ عَنِ الْمُعَلَّلِ لَكِنْ قُدِّمَتِ اعْتِبَارًا لِلرُّتْبَةِ وَبَيَانًا لِشَرَفِ الْإِيمَانِ وَإِنَّ مِنْ خَصَائِصِهِ وَخَصَائِصِ أَهْلِهِ النَّصِيحَةَ لِكُلِّ أَحَدٍ حَتَّى الْكُفَّارِ كَمَا وَرَدَ الدِّينُ النَّصِيحَةُ فَعَلَى مَنِ اتَّصَفَ بِصِفَةِ الْإِيمَانِ أَنْ يَتَحَلَّى بِهَا وَيَجْتَنِبَ عَنْ صِفَةِ الْعُتَاةِ وَالْمَرَدَةِ مِنَ الْفَتْكِ " فَإِذَا الْكَلَامُ جَارٍ أَصَالَةً عَلَى الْإِيمَانِ وَذِكْرُ الْمُؤْمِنِ تَابِعٌ لَهُ فَلَوْ أُخِّرَ كَانَ بِالْعَكْسِ فَعَلَى هَذَا لَا يُفْتَقَرُ فِي الْحَدِيثِ إِلَى الْتِزَامِ النَّسْخِ وَالتَّكَلُّفِ فِيهِ. اه. وَفِيهِ بَحْثٌ لَا يَخْفَى (رَوَاهُ أَبُو دَاوُدَ) وَكَذَا الْبُخَارِيُّ فِي تَارِيخِهِ وَالْحَاكِمُ وَرَوَاهُ أَحْمَدُ عَنِ الزُّبَيْرِ وَعَنْ مُعَاوِيَةَ.