3452 - وَعَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَمْرٍو رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: " «مَنْ قَتَلَ مُعَاهِدًا لَمْ يَرَحْ رَائِحَةَ الْجَنَّةِ ; وَإِنَّ رِيحَهَا تُوجَدُ مِنْ مَسِيرَةِ أَرْبَعِينَ خَرِيفًا» ". رَوَاهُ الْبُخَارِيُّ.
ـــــــــــــــــــــــــــــ
3452 - (وَعَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَمْرٍو) ، بِالْوَاوِ (قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: " مَنْ قَتَلَ مُعَاهِدًا ") : بِكَسْرِ الْهَاءِ، مَنْ عَاهَدَ الْإِمَامَ عَلَى تَرْكِ الْحَرْبِ ذِمِّيًّا أَوْ غَيْرَهُ، وَرُوِيَ بِفَتْحِهَا وَهُوَ مَنْ عَاهَدَهُ الْإِمَامُ. قَالَ الْقَاضِي: يُرِيدُ بِالْمُعَاهِدِ مَنْ كَانَ لَهُ مَعَ الْمُسْلِمِينَ عَهْدٌ شَرْعِيٌّ، سَوَاءٌ كَانَ بِعَقْدِ جِزْيَةٍ أَوْ هُدْنَةٍ مِنْ سُلْطَانٍ أَوْ أَمَانٍ مِنْ مُسْلِمٍ، وَقَوْلُهُ: " لَمْ يَرُحْ رَائِحَةَ الْجَنَّةِ ") ، فِيهِ رِوَايَاتٌ ثَلَاثٌ بِفَتْحِ الرَّاءِ مِنْ رَاحَ يَرَاحُ، وَبِكَسْرِهِ مِنْ رَاحَ يَرِيحُ، وَبِضَمِّ الْيَاءِ مَنْ أَرَاحَ يُرِيحُ. وَقَالَ الْعَسْقَلَانِيُّ: بِفَتْحِ الرَّاءِ وَالْيَاءِ هُوَ أَجْوَدُ، وَعَلَيْهِ الْأَكْثَرُ ثُمَّ الْمَعْنَى وَاحِدٌ، وَهُوَ أَنَّهُ لَمْ يَشُمَّ رَائِحَةَ الْجَنَّةِ وَلَمْ يَجِدْ رِيحَهَا، وَلَمْ يُرِدْ بِهِ أَنَّهُ لَا يَجِدُهَا أَصْلًا، بَلْ أَوَّلُ مَا يَجِدُهَا سَائِرُ الْمُسْلِمِينَ الَّذِينَ لَمْ يَقْتَرِفُوا الْكَبَائِرَ تَوْفِيقًا بَيْنَهُ وَبَيْنَ مَا تَعَاضَدَتْ بِهِ الدَّلَائِلُ النَّقْلِيَّةُ وَالْعَقْلِيَّةُ، عَلَى أَنَّ صَاحِبَ الْكَبِيرَةِ إِذَا كَانَ مُوَحِّدًا مَحْكُومًا بِإِسْلَامِهِ لَا يَخْلُدُ فِي النَّارِ، وَلَا يُحْرَمُ مِنَ الْجَنَّةِ. وَقِيلَ: الْمُرَادُ التَّغْلِيظُ: (" وَإِنَّ رِيحَهَا يُوجَدُ ") : جُمْلَةٌ حَالِيَّةٌ أَيْ وَالْحَالُ أَنَّ رِيحَ الْجَنَّةِ تُوجَدُ (" مِنْ مَسِيرَةِ أَرْبَعِينَ خَرِيفًا ") . أَيْ عَامًا كَمَا فِي رِوَايَةٍ. قَالَ السُّيُوطِيُّ رَحِمَهُ اللَّهُ: وَفِي رِوَايَةٍ سَبْعِينَ عَامًا، وَفِي الْأُخْرَى مِائَةَ عَامٍ، وَفِي الْفِرْدَوْسِ أَلْفُ عَامٍ، وَجَمَعَ بِأَنَّ ذَلِكَ بِحَسَبِ اخْتِلَافِ الْأَشْخَاصِ وَالْأَعْمَالِ، وَتَفَاوُتِ الدَّرَجَاتِ، فَيُدْرِكُهَا مَنْ شَاءَ اللَّهُ مِنْ مَسِيرَةِ أَلْفِ عَامٍ، وَمَنْ شَاءَ مِنْ مَسِيرَةِ أَرْبَعِينَ عَامًا، وَمَا بَيْنَ ذَلِكَ قَالَهُ ابْنُ الْعَرَبِيِّ وَغَيْرُهُ. قُلْتُ: وَيَحْتَمِلُ أَنْ يَكُونَ الْمُرَادُ مِنَ الْكُلِّ طُولَ الْمَسَافَةِ لَا تَحْدِيدَهَا. (رَوَاهُ الْبُخَارِيُّ) . وَكَذَا أَحْمَدُ، وَالنَّسَائِيُّ، وَابْنُ مَاجَهْ. وَفِي رِوَايَةٍ: " مَنْ قَتَلَ مُعَاهِدًا فِي غَيْرِ كُنْهِهِ بِضَمِّ الْكَافِ وَسُكُونِ النُّونِ أَيْ فِي غَيْرِ وَقْتِهِ الَّذِي يَجُوزُ فِيهِ قَتْلُهُ، حَرَّمَ اللَّهُ عَلَيْهِ الْجَنَّةَ " أَيْ مَنَعَهُ مِنْ دُخُولِهَا مُدَّةَ يَوْمِ الْقِيَامَةِ. رَوَاهُ أَحْمَدُ، وَأَبُو دَاوُدَ، وَالنَّسَائِيُّ، وَالْحَاكِمُ، عَنْ أَبِي بَكْرَةَ بِالتَّاءِ، وَرَوَى الطَّبَرَانِيُّ عَنْ وَاثِلَةَ مَرْفُوعًا: " «مَنْ قَذَفَ ذِمِّيًّا حُدَّ لَهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ بِسِيَاطٍ مِنْ نَارٍ» ". قَالَ عُلَمَاؤُنَا: خُصُومَةُ الذِّمِّيِّ أَشَدُّ مِنْ خُصُومَةِ الْمُسْلِمِ.