قَالَ ابْنُ الْهُمَامِ: إِذَا نَذَرَ رَكْعَتَيْنِ فِي الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ فَأَدَّاهَا فِي أَقَلَّ شَرَفًا مِنْهُ أَوْ فِيمَا لَا شَرَفَ لَهُ أَجْزَأَهُ خِلَافًا لِزُفَرَ. لَهُ: أَنَّهُ نَذْرٌ بِزِيَادَةِ قُرْبَةٍ فَيَلْزَمُهُ. قُلْنَا: عُرِفَ مِنَ الشَّرْعِ أَنَّ الْتِزَامَهُ مَا هُوَ قُرْبَةٌ مُوجَبٌ، وَلَمْ يَثْبُتْ عَنِ الشَّرْعِ اعْتِبَارُ تَخْصِيصِ الْعَبْدِ الْعِبَادَةَ بِمَكَانٍ، بَلْ إِنَّمَا عَرَّفَ ذَلِكَ تَعَالَى فَلَا يَتَعَدَّى لُزُومُ أَصْلِ الْقُرْبَةِ بِالْتِزَامِهِ إِلَى الْتِزَامِ التَّخْصِيصِ بِمَكَانٍ، فَكَانَ مُلْغًى، وَبَقِيَ لَازِمًا بِمَا هُوَ قُرْبَةٌ. فَإِنْ قُلْتَ: مِنْ شُرُوطِ النَّذْرِ كَوْنُهُ لِغَيْرِ مَعْصِيَةٍ، فَكَيْفَ قَالَ أَبُو يُوسُفَ رَحِمَهُ اللَّهُ: إِذَا نَذَرَ رَكْعَتَيْنِ بِلَا وُضُوءٍ يَصِحُّ نَذْرُهُ خِلَافًا لِزُفَرَ؟ فَالْجَوَابُ: أَنَّ مُحَمَّدًا رَحِمَهُ اللَّهُ أَهْدَرَهُ لِذَلِكَ، وَأَمَّا أَبُو يُوسُفَ، فَإِنَّمَا صَحَّحَهُ بِوُضُوءٍ نَظَرًا إِلَى الْتِزَامِ الشَّرْطِ فَقَوْلُهُ بَعْدَ ذَلِكَ بِغَيْرِ وُضُوءٍ لَغْوٌ لَا يُؤَثِّرُ. (رَوَاهُ أَبُو دَاوُدَ، وَالدَّارِمِيُّ) .