قَالَ ابْنُ الْهُمَامِ: وَرَوَاهُ الْحَاكِمُ وَصَحَّحَهُ، وَعَمْرٌو هَذَا هُوَ عَمْرُو بْنُ شُعَيْبِ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَمْرِو بْنِ الْعَاصِ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - فَإِذَا أَرَادَ بِجَدِّهِ مُحَمَّدًا كَانَ الْحَدِيثُ مُرْسَلًا، وَإِذَا أَرَادَ بِهِ عَبْدَ اللَّهِ كَانَ مُتَّصِلًا، فَمَا لَمْ يَنُصَّ عَلَيْهِ يَصِيرُ مُحْتَمِلًا لِلْإِرْسَالِ وَالِاتِّصَالِ، وَهَذَا نَصَّ عَلَى جَدِّهِ عَبْدِ اللَّهِ يَعْنِي: فَتَعَيَّنَ الِاتِّصَالُ وَارْتَفَعَ الْإِشْكَالُ، ثُمَّ ظَاهِرُ هَذَا الْحَدِيثِ بِإِطْلَاقِهِ دَلِيلٌ لَنَا وَلِأَنَّ الْأُمَّ أَشْفَقُ عَلَيْهِ أَبَدًا لِحِكْمَةِ خُصُوصِ هَذَا الشَّرْعِ، وَأَقْدَرُ عَلَى الْحَضَانَةِ لِقِيَامِهَا بِمَصَالِحِهِ، كَمَا أَشَارَ إِلَيْهِ الصِّدِّيقُ عَلَى مَا فِي مُوَطَّأِ مَالِكٍ حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ سَعِيدٍ، عَنِ الْقَاسِمِ بْنِ مُحَمَّدٍ رَحِمَهُ اللَّهُ قَالَ: كَانَتْ عِنْدَ عُمَرَ امْرَأَةٌ مِنَ الْأَنْصَارِ، فَوَلَدَتْ لَهُ عَاصِمًا، ثُمَّ فَارَقَهَا عُمَرُ، فَرَكِبَ يَوْمًا إِلَى قُبَاءٍ فَمَرَّ فَوَجَدَ ابْنَهُ يَلْعَبُ بِفِنَاءِ الْمَسْجِدِ، فَأَخَذَ بِعَضُدِهِ فَوَضَعَهُ بَيْنَ يَدَيْهِ عَلَى الدَّابَّةِ، فَأَدْرَكَتْهُ جَدَّةُ الْغُلَامِ فَنَازَعَتْهُ إِيَّاهُ فَأَقْبَلَا حَتَّى أَتَيَا أَبَا بَكْرٍ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - فَقَالَ عُمَرُ: ابْنِي. وَقَالَتِ الْمَرْأَةُ: ابْنِي. فَقَالَ أَبُو بَكْرٍ: خَلِّ بَيْنَهُ وَبَيْنَهَا. فَمَا رَاجَعَهُ عُمَرُ الْكَلَامَ، وَكَذَا رَوَاهُ عَبْدُ الرَّزَّاقِ، وَرَوَاهُ الْبَيْهَقِيُّ وَزَادَ ثُمَّ قَالَ أَبُو بَكْرٍ: سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - يَقُولُ: " «لَا تُولَدُ وَالِدَةٌ عَنْ وَلَدِهَا» ". وَفِي مُصَنَّفِ ابْنِ أَبِي شَيْبَةَ: ثَنَا ابْنُ إِدْرِيسَ، عَنْ يَحْيَى بْنِ سَعِيدٍ، عَنِ الْقَاسِمِ، أَنَّ عُمَرَ بْنَ الْخَطَّابِ طَلَّقَ جَمِيلَةَ بِنْتَ عَاصِمِ بْنِ ثَابِتِ بْنِ أَبِي لَيْلَى فَتَزَوَّجَتْ، فَجَاءَ عُمَرُ فَأَخَذَ ابْنَهُ فَأَدْرَكَتْهُ شَمُوسُ ابْنَةُ عَاصِمٍ الْأَنْصَارِيَّةُ، وَهِيَ أُمُّ جَمِيلَةَ فَأَخَذَتْهُ، فَتَرَافَعَا إِلَى أَبِي بَكْرٍ فَقَالَ: خَلِّ بَيْنَهَا وَبَيْنَ ابْنِهَا. فَأَخَذَتْهُ. وَلِابْنِ أَبِي شَيْبَةَ عَنْ عُمَرَ، أَنَّهُ طَلَّقَ أُمَّ عَاصِمٍ ثُمَّ أَتَى عَلَيْهَا وَفِي حِجْرِهَا عَاصِمٌ، فَأَرَادَ أَنْ يَأْخُذَهُ فَتَجَاذَبَاهُ بَيْنَهُمَا حَتَّى بَكَى الْغُلَامُ، فَانْطَلَقَا إِلَى أَبِي بَكْرٍ، فَقَالَ لَهُ: مِسْحُهَا وَحِجْرُهَا وَرِبْحُهَا خَيْرٌ لَهُ مِنْكَ حَتَّى يَشِبَّ الصَّبِيُّ فَيَخْتَارَ لِنَفْسِهِ.