قَالَ الشَّيْخُ مُحْيِي الدِّينِ النَّوَوِيُّ: يُرَى ضَبَطْنَاهُ بِضَمِّ الْيَاءِ، وَالْكَاذِبِينَ بِكَسْرِ الْبَاءِ وَفَتْحِ النُّونِ عَلَى الْجَمْعِ، وَهَذَا هُوَ الْمَشْهُورُ فِي اللَّفْظَيْنِ.
وَقَالَ الْقَاضِي عِيَاضٌ: الرِّوَايَةُ عِنْدَنَا عَلَى الْجَمْعِ، وَرَوَاهُ أَبُو نُعَيْمٍ الْأَصْفَهَانِيُّ فِي الْمُسْتَخْرَجِ مِنْ حَدِيثِ سَمُرَةَ عَلَى التَّثْنِيَةِ، وَاحْتَجَّ بِهِ عَلَى أَنَّ الرَّاوِيَ لَهُ يُشَارِكُ الْبَادِئَ بِهَذَا الْكَذِبِ، ثُمَّ رَوَاهُ أَبُو نُعَيْمٍ مِنْ رِوَايَةِ الْمُغِيرَةِ الْكَاذِبَيْنِ أَوِ الْكَاذِبِينَ عَلَى الشَّكِّ فِي التَّثْنِيَةِ وَالْجَمْعِ، وَذَكَرَ بَعْضُ الْأَئِمَّةِ جَوَازَ فَتْحِ الْيَاءِ مِنْ " يُرَى " بِمَعْنَى يَعْلَمُ وَهُوَ ظَاهِرٌ حَسَنٌ، فَأَمَّا مَنْ ضَمَّ الْيَاءَ فَمَعْنَاهُ يُظَنُّ، وَيَجُوزُ أَنْ يَكُونَ الْفَتْحُ بِمَعْنَى يَظُنُّ أَيْضًا، فَقَدْ حُكِيَ رَأَى بِمَعْنَى ظَنَّ، وَقِيلَ: إِنَّهُ لَا يَأْثَمُ إِلَّا بِرِوَايَةِ مَا يَعْلَمُهُ أَوْ يَظُنُّهُ كَذِبًا، وَأَمَّا مَا لَا يَعْلَمُهُ وَلَا يَظُنُّهُ فَلَا إِثْمَ عَلَيْهِ فِي رِوَايَتِهِ وَإِنْ ظَنَّهُ غَيْرُهُ كَذِبًا أَوْ عَلِمَهُ اهـ. كَلَامُ الشَّيْخِ مُحْيِي الدِّينِ النَّوَوِيِّ.
قَالَ السَّيِّدُ جَمَالُ الدِّينِ فِي تَجْوِيزِ فَتْحِ الْيَاءِ بِمَعْنَى يَعْلَمُ تَأَمَّلْ، وَلَعَلَّ وَجْهَ التَّأَمُّلِ أَنَّ الظَّنَّ يَكْفِي فِي هَذَا الْمَقَامِ، بَلْ أَبْلَغُ فِي إِفَادَةِ الْمَرَامِ فَلَا يَحْتَاجُ إِلَى الْعِلْمِ التَّامِّ، وَيُمْكِنُ دَفْعُهُ بِأَنَّ الْمُرَادَ الْعِلْمُ بِالْمَعْنَى الْأَعَمِّ يَقِينِيًّا أَوْ ظَنِّيًّا وَاللَّهُ أَعْلَمُ. (رَوَاهُ مُسْلِمٌ) وَأَحْمَدُ، وَابْنُ مَاجَهْ.