الْفَصْلُ الثَّالِثُ
184 - عَنْ مُعَاذِ بْنِ جَبَلٍ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: ( «إِنَّ الشَّيْطَانَ ذِئْبُ الْإِنْسَانِ كَذِئْبِ الْغَنَمِ، يَأْخُذُ الشَّاذَّةَ وَالْقَاصِيَةَ وَالنَّاحِيَةَ وَإِيَاكُمْ وَالشِّعَابَ، وَعَلَيْكُمْ بِالْجَمَاعَةِ وَالْعَامَّةِ» ) . رَوَاهُ أَحْمَدُ.
ـــــــــــــــــــــــــــــ
الْفَصْلُ الثَّالِثُ
184 - (عَنْ مُعَاذِ بْنِ جَبَلٍ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: (إِنَّ الشَّيْطَانَ ذِئْبُ الْإِنْسَانِ) : الذِّئْبُ مُسْتَعَارٌ لِلْمُفْسِدِ وَالْمُهْلِكِ وَهُوَ بِالْهَمْزِ وَيُبْدَلُ (كَذِئْبِ الْغَنَمِ) أَيْ: فِي الْعَدَاوَةِ وَالْإِهْلَاكِ. قَالَ تَعَالَى: {إِنَّ الشَّيْطَانَ لَكُمْ عَدُوٌّ فَاتَّخِذُوهُ عَدُوًّا} [فاطر: 6] الْآيَةَ (يَأْخُذُ) أَيْ: ذِئْبَ الْغَنَمِ، وَالظَّاهِرُ أَنَّهُ اسْتِئْنَافٌ مُبَيِّنٌ، وَقَالَ الطِّيبِيُّ: صِفَةُ الذِّئْبِ لِأَنَّهُ بِمَنْزِلَةِ النَّكِرَةِ كَمَثَلِ الْحِمَارِ، وَيَجُوزُ أَنْ يَكُونَ حَالًا مِنْهُ وَالْعَامِلُ مَعْنَى التَّشْبِيهِ اهـ. وَلَا يَخْفَى أَنَّ مَا قَالَهُ بِالنِّسْبَةِ إِلَى الْآيَةِ ظَاهِرٌ، وَأَمَّا بِالنِّسْبَةِ إِلَى الْحَدِيثِ فَالْإِطْلَاقُ أَوْلَى مِنَ التَّقْيِيدِ، وَالْمَعْنَى يَأْخُذُ غَالِبًا أَوْ بِالسُّهُولَةِ مِنْ غَيْرِ تَدَارُكٍ (الشَّاذَّةَ) : بِتَشْدِيدِ الذَّالِ الْمُعْجَمَةِ أَيِ: النَّافِرَةَ الَّتِي لَمْ تُؤْنَسْ بِأَخَوَاتِهَا، وَلَمْ تَخْتَلِطْ بِهِنَّ (وَالْقَاصِيَةَ) : الَّتِي قَصَدَتِ الْبُعْدَ عَنْهُنَّ لِأَجْلِ الْمَرْعَى مَثَلًا لَا لِلتَّنَفُّرِ (وَالنَّاحِيَةَ) : الَّتِي غُفِلَ عَنْهَا، وَبَقِيَتْ فِي جَانِبٍ مِنْهَا فَإِنَّ النَّاحِيَةَ هِيَ الَّتِي صَارَتْ فِي نَاحِيَةٍ مِنَ الْأَرْضِ عَنْ أَخَوَاتِهَا لِغَفْلَتِهَا. قَالَ الْأَبْهَرِيُّ: كَذَا قَالَهُ الطِّيبِيُّ، وَظَاهِرُ كَلَامِهِ أَنَّ النَّاحِيَةَ بِالْحَاءِ الْمُهْمَلَةِ، وَفِي النِّهَايَةِ فِي بَابِ النُّونِ مَعَ الْجِيمِ: النَّجَاءُ السُّرْعَةُ، يُقَالُ: نَجَا يَنْجُو إِذَا أَسْرَعَ، وَنَجَا مِنَ الْأَمْرِ إِذَا خَلَصَ وَأَنْجَى غَيْرَهُ، وَمِنْهُ: إِنَّمَا يَأْخُذُ الذِّئْبُ الْقَاصِيَةَ وَالشَّاذَّةَ وَالنَّاجِيَةَ، أَيِ: السَّرِيعَةَ، هَكَذَا رُوِيَ عَنِ الْحَرْبِيِّ بِالْجِيمِ اهـ.