إِرْضَائِهِمْ مَعَ أَنَّ مَا عَدَا الشِّرْكَ تَحْتَ الْمَشِيئَةِ وَقَدْ كَتَبْتُ رِسَالَةً مُسْتَقِلَّةً فِي تَحْقِيقِ هَذِهِ الْمَسْأَلَةِ، ثُمَّ اعْلَمْ أَنَّ مَنْ حَجَّ بِقَصْدِ الْحَجِّ وَالتِّجَارَةِ كَانَ ثَوَابُهُ دُونَ ثَوَابِ التَّخَلِّي عَنِ التِّجَارَةِ، وَكَانَ الْقِيَاسُ أَنْ لَا يَكُونَ لِلْحَاجِّ التَّاجِرِ ثَوَابٌ لِقَوْلِهِ - عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ - مَنْ حَجَّ لِلَّهِ أَيْ خَالِصًا لِرِضَاهُ إِلَّا أَنَّهُ صَحَّ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا - أَنَّ النَّاسَ تَحَرَّجُوا مِنَ التِّجَارَةِ وَهُمْ حُرُمٌ بِالْحَجِّ، فَأَنْزَلَ اللَّهُ {لَيْسَ عَلَيْكُمْ جُنَاحٌ أَنْ تَبْتَغُوا فَضْلًا مِنْ رَبِّكُمْ} [البقرة: 198] وَصَحَّ عَنِ ابْنِ عُمَرَ «أَنَّ رَجُلًا سَأَلَ أَنْ يَكْرِيَ جِمَالَهُ لِلْحَجِّ وَيَحُجَّ، وَأَنَّ نَاسًا يَقُولُونَ لَهُ لَا حَجَّ لَكَ، فَقَالَ إِنَّ رَجُلًا جَاءَ إِلَى النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فَسَأَلَهُ عَمَّا سَأَلْتَنِي عَنْهُ حَتَّى نَزَلَتْ هَذِهِ الْآيَةُ {لَيْسَ عَلَيْكُمْ جُنَاحٌ أَنْ تَبْتَغُوا فَضْلًا مِنْ رَبِّكُمْ} [البقرة: 198] فَأَرْسَلَ إِلَيْهِ فَقَرَأَهَا عَلَيْهِ وَقَالَ لَكَ حَجٌّ» وَجَاءَ بِسَنَدٍ حَسَنٍ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ أَنَّ رَجُلًا سَأَلَهُ فَقَالَ لَوْ آجَرُ نَفْسِي مِنْ هَؤُلَاءِ الْقَوْمِ فَأَنْسَكُ أَلِيَ أَجْرٌ قَالَ أُولَئِكَ لَهُمْ نُصِيبٌ مِمَّا كَسَبُوا وَاللَّهُ سَرِيعُ الْحِسَابِ وَاللَّهُ الْمُلْهِمُ بِالصَّوَابِ.