وَقَوْلُهُ: بِحَيْثُ يَكُونُ " ضَرَّاءَ غَيْرَ مُضِرَّةٍ " غَيْرَ صَحِيحٍ، لِأَنَّ الْمَطْلُوبَ لَيْسَ شَوْقًا بِحَيْثُ يَكُونُ ضَرَّاءَ، وَلِذَا دَخَلَ غَيْرُ عَلَيْهَا ثُمَّ وَصَفَهَا بِمُضِرَّةٍ لِيُفِيدَ أَنَّهُ لَا تَضُرُّهُ الضَّرَّاءُ إِذْ لَمْ كَمَا يَدُلُّ عَلَيْهِ قَوْلُهُ: (وَإِنْ ضَرَّنِي مُضِرَّةٌ) وَيُمْكِنُ حَمْلُ عِبَارَتِهِ عَلَى مَا ذَكَرْنَاهُ بِأَدْنَى عِنَايَةٍ وَحَاصِلُ الْمَعْنَى إِنِّي أَسْأَلُكَ شَوْقًا لَا يَضُرُّنِي فِي بَدَنِي بِأَنْ أَفْعَلَ مَا لَا طَاقَةَ لِي بِهِ وَلَا فِي قَلْبِي بِأَنْ تَغْلِبَ عَلَيَّ الْجَذْبَةُ بِحَيْثُ أَخْرُجُ عَنْ طَوْرِ عَقْلِي، فَيَفُوتُنِي مَرْتَبَةُ الْجَمْعِ، وَلِذَا قَالَ: (وَلَا فِتْنَةٍ مُضِلَّةٍ) : لِأَنَّ الْفِتْنَةَ تَعُمُّ مَا يُؤَدِّي إِلَى الْهَلَاكِ الْحِسِّيِّ وَالْمَعْنَوِيِّ، وَالْمُضِلَّةُ مَا يُوجِبُ الِانْحِرَافَ عَنِ الطَّرِيقِ الْقَوِيمِ وَالصِّرَاطِ الْمُسْتَقِيمِ، ( «اللَّهُمَّ زِيِّنَا بِزِينَةِ الْإِيمَانِ» ) : أَيْ: بِثَبَاتِهِ وَزِيَادَةِ ثَمَرَاتِهِ مِنْ حُسْنِ الْعَمَلِ وَإِتْيَانِ الْعِرْفَانِ، (وَاجْعَلْنَا هُدَاةً) : جَمْعُ هَادٍ أَيْ: هَادِينَ إِلَى الدِّينِ (مَهْدِيِّينَ) : وَفِي الْحِصْنِ: مُهْتَدِينَ أَيْ: ثَابِتِينَ عَلَى الْهِدَايَةِ وَطَرِيقِ الْيَقِينِ قَالَ الطِّيبِيُّ - رَحِمَهُ اللَّهُ: وَصَفَ الْهُدَاةَ بِالْمَهْدِيِّينَ لِأَنَّ الْهَادِيَ إِذَا لَمْ يَكُنْ مَهْدِيًّا فِي نَفْسِهِ لَمْ يَصْلُحْ أَنْ يَكُونَ هَادِيًا لِغَيْرِهِ، لِأَنَّهُ يُوقِعُ الْخَلْقَ فِي الضَّلَالِ مِنْ حَيْثُ لَا يَشْعُرُ. قُلْتُ: وَمِنْ حَيْثُ لَا يَشْعُرُونَ أَيْضًا. (رَوَاهُ النَّسَائِيُّ) : وَكَذَا الْحَاكِمُ، وَالْإِمَامُ أَحْمَدُ، وَالطَّبَرَانِيُّ.