سَيِّئِ الْأَسْقَامِ وَشِدَّةِ الْمِحْنَةِ وَأَمَّا الَّذِي ذَكَرُوهُ فَإِنَّمَا هُوَ مَعْنَى الْمُعَافَاةِ كَمَا لَا يَخْفَى (فَإِنَّ أَحَدًا لَمْ يُعْطَ بَعْدَ الْيَقِينِ) أَيْ عِلْمَ الْيَقِينِ وَهُوَ الْإِيمَانُ وَالْبَصِيرَةُ فِي الدِّينِ، (خَيْرًا مِنَ الْعَافِيَةِ) قَالَ الطِّيبِيُّ: وَهِيَ السَّلَامَةُ مِنَ الْآفَاتِ فَيَنْدَرِجُ فِيهَا الْعَفْوُ اهـ.
يَعْنِي وَلِعُمُومِ مَعْنَى الْعَافِيَةِ الشَّامِلَةِ لِمَعْنَى الْعَفْوِ اكْتَفَى بِذِكْرِهَا عَنْهُ وَالتَّنْصِيصِ عَلَيْهِ سَابِقًا لِلْإِيمَاءِ إِلَى أَنَّهُ أَهَمُّ أَنْوَاعِهِ وَأَغْرَبَ ابْنُ حَجَرٍ حَيْثُ قَالَ بَعْدَ مَا ذَكَرَ خُلَاصَةَ كَلَامِ الطِّيبِيِّ: فَإِنْ قُلْتَ كَيْفَ أَفْرَدَ الْعَافِيَةَ بَعْدَ جَمْعِهَا: قُلْتُ لِأَنَّ مَعْنَى الْعَفْوِ مَحْوُ الذُّنُوبِ وَمَعْنَى الْعَافِيَةِ السَّلَامَةُ عَنِ الْأَسْقَامِ وَالْبَلَايَا فَاسْتَغْنَى عَنْ ذِكْرِ الْعَفْوِ بِهَا لِشُمُولِهَا لَهُ وَوَجْهُ الْغَرَابَةِ أَنَّ أَخْذَ الذُّنُوبِ مِنَ الْبَلَايَا لَيْسَ مِنْ كِتَابِ اللُّغَةِ وَلَا مِنْ بَابِ التَّعَارُفِ وَإِنْ كَانَتِ الصُّوفِيَّةُ قَدْ يُعَبِّرُونَ عَنِ الْمَعْصِيَةِ بِالْبَلِيَّةِ وَلَكِنَّهُ مِنْ أَصْحَابِ الْعِبَارَاتِ لَا مِنْ أَرْبَابِ الْإِشَارَاتِ (رَوَاهُ التِّرْمِذِيُّ وَابْنُ مَاجَهْ وَقَالَ التِّرْمِذِيُّ هَذَا حَدِيثٌ حَسَنٌ غَرِيبٌ إِسْنَادًا) أَيْ غَرِيبٌ إِسْنَادُهُ لَا مَتْنُهُ وَفِي الْحِصْنِ رَوَاهُ التِّرْمِذِيُّ وَالنَّسَائِيُّ وَابْنُ مَاجَهْ وَابْنُ حِبَّانَ وَالْحَاكِمُ، مِنْ حَدِيثِ الصِّدِّيقِ قَالَ مِيرَكُ وَلَفْظُ الْحَاكِمِ سَلُوا اللَّهَ الْعَفْوَ وَالْعَافِيَةَ وَالْيَقِينَ فِي الْأُولَى وَالْآخِرَةِ.